للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ، نقل عن ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وابن عمر، وابن عباس، وسلمة بن الأكوع، وعلقمة، والزهري في آخرين في هذه الآية أنهم قالوا:

كان من شاء صام، ومن شاء أفطر وافتدى، يطعم عن كل يوم مسكيناً، حتى نزلت: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، فعلى هذا يكون معنى الكلام: وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية، ثم نسخت.

وروي عن عكرمة أنه قال: نزلت في الحامل والمرضع. وقرا أبو بكر الصديق، وابن عباس: «وعلى الذين يطوّقونه» بضم الياء وفتح الطاء وتشديد الواو. قال ابن عباس: هو الشيخ والشيخة. قوله تعالى:

فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة والكسائيّ (فدية) منون طَعامُ مَساكِينَ موحد. وقرأ نافع، وابن عامر: «فدية» بغير تنوين «طعام» بالخفض «مساكين» بالجمع، وقال أبو علي: معنى القراءة الأولى: على كل واحد طعام مساكين. ومثله: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ «١» ، أي:

اجلدوا كل واحد ثمانين. قال أبو زيد: أتينا الأمير فكسانا كلنا حلّة، وأعطانا كلّنا مائة، أي: فعل ذلك بكل واحد منا. قال: فأما من أضاف الفدية إلى الطعام، فكإضافة البعض إلى ما هو بعض له، وذلك أنه سمى الطعام الذي يفدى به فدية، ثم أضاف الفدية إلى الطعام الذي يعم الفدية وغيرها، فهو على هذا من باب: خاتم حديد. وفي قوله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً، ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: من أطعم مسكينين، قاله ابن عباس، ومجاهد. والثاني: أن التّطوّع إطعام مساكين، قاله طاوس. والثالث: أنه زيادة المساكين على قوته، وهو مروي عن مجاهد، وفعله أنس بن مالك لما كبر. وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ عائد إلى من تقدم ذكره من الأصحاء المقيمين المخيّرين بين الصوم والإطعام على ما حكينا في أول الآية عن السلف، ولم يرجع ذلك إلى المرضى والمسافرين، والحامل والمرضع، إذ الفطر في حق هؤلاء أفضل من الصوم، وقد نهوا عن تعريض أنفسهم للتلف، وهذا يقوّي قول القائلين بنسخ الآية.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٥]]

شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)

قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ. قال الأخفش: شهر رمضان بالرفع على تفسير الأيام، كأنه لما قال: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فسرها فقال: هي شهر رمضان، قال أبو عبيد: وقرأ مجاهد: «شهرَ رمضان» بالنصب، وأُراه نصبه على معنى الإغراء: عليكم شهر رمضان فصوموه كقوله: مِلَّةَ أَبِيكُمْ «٢» ،


(١) النور: ٤.
(٢) الحج: ٧٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>