للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجاورته، قال امرؤ القيس:

رَمَتْني بَسَهْمٍ أَصَابَ الفُؤَادَ ... غَدَاةَ الرَّحِيلِ فَلَمْ أَنْتَصِر

وقال آخر:

كَأَنَّ فُؤادِي كُلمَّا مَرَّ رَاكِبٌ ... جَنَاحُ غُرَابٍ رَامَ نَهْضَاً إِلى وِكْرِ

وقال آخر:

وإِنَّ فُؤَادَاً قَادَني لِصَبَابَةٍ ... إِلَيْكِ عَلَى طُوْلِ الهَوى لصبور

يعنون بالفؤاد: القلب. والقول الثاني: أنّ المراد بالأفئدة الجماعة من الناس. قاله الزّجّاج.

قوله تعالى: تَهْوِي إِلَيْهِمْ قال ابن عباس: تَحِنُّ إِليهم. وقال قتادة: تنزع إِليهم. وقال الفراء:

تريدهم، كما تقول: رأيت فلاناً يَهوي نحوك، أي: يريدك. وقرأ بعضهم: «تهوَى إِليهم» بمعنى:

تهواهم، كقوله: رَدِفَ لَكُمْ «١» ، أي: ردفكم. و «إلى» توكيد للكلام. وقال ابن الأنباري: «تهوي» :

تنحط إِليهم وتنحدر. وفي معنى هذا المَيل قولان: أحدهما: أنه المَيل إِلى الحج، قاله الأكثرون.

والثاني: أنه حُبُّ سُكنى مكة، رواه عطيّة عن ابن عباس. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لو كان إِبراهيم قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إِليهم، لحجَّه اليهود والنصارى، ولكنه قال: من النّاس.

[[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٨]]

رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨)

قوله تعالى: رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي قال أبو صالح عن ابن عباس: ما نخفي من الوَجد بمفارقة إِسماعيل، وما نعلن من الحُبِّ له. قال المفسرون: إِنما قال هذا لمّا نزل إِسماعيل الحرم، وأراد فراقه.

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠)

قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ أي: بعد الكبر إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ قال ابن عباس: وُلد له إِسماعيلُ وهو ابن تسع وتسعين، ووُلد له إِسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة. قوله تعالى: رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، وهبيرة عن حفص عن عاصم:

«وتقبَّل دعائي» بياء في الوصل. وقال البزي عن ابن كثير: يصل ويقف بياء. وقال قنبل عن ابن كثير:

يُشِمُّ الياء في الوصل، ولا يثبتها، ويقف عليها بالألف. الباقون «دعاءِ» بغير ياء في الحالين. قال أبو علي: الوقف والوصل بياء هو القياس، والإِشمام جائز، لدلالة الكسرة على الياء.

[[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤١]]

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١)

قوله تعالى: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ قال ابن الأنباري: استغفرَ لأبويه وهما حيّان، طمعاً في أن يُهْدَيا إِلى الإِسلام. وقيل: أراد بوالديه: آدم، وحواء. وقرأ ابن مسعود، وأُبيّ، والنخعي، والزهري:

«ولِولَديَّ» يعني: إِسماعيل وإِسحاق، يدل عليه ذِكرُهما قبل ذلك. وقرأ مجاهد: «ولوالِدِي» على


(١) سورة النمل: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>