للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس: إن فلاناً لفَكِهٌ بكذا، ومنه يقال للمُزاح: فُكاهَة، قاله أبو عبيدة. والثاني: أن فَكِهين بمعنى فَرِحين، قاله أبو سليمان الدمشقي. والقول الثاني: أن فاكهين وفكهِين بمعنى واحد، كما يقال: حاذِرٌ وحَذِرٌ، قاله الفراء. وقال الزجاج: فاكِهون وفكهِون بمعنى فَرِحين. وقال أبو زيد: الفَكِه: الطيِّب النَّفْس الضَّحوك، يقال: رجل فاكِه وفَكِه.

قوله تعالى: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ يعنى حلائلهم فِي ظُلَلٍ وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: «في ظُلَلٍ» . قال الفراء: الظِّلال جمع ظِلٍّ والظُّلَل جمع ظُلَّة وقد تكون الظِّلال جمع ظُلَّة أيضا، كما يقال:

خُلَّة وخُلَل فإذا كثرت فهي الخِلال والحِلال والقِلال. قال مقاتل: والظِّلال: أكنان القصور. قال أبو عبيدة: والمعنى أنهم لا يَضْحَوْنَ. فأمّا الأرائك فقد بيّنّاها في الكهف «١» .

قوله تعالى: وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ قال ابن قتيبة: ما يَتَمَنَّوْنَ، ومنه يقول الناس: هو في خيرِ ما ادَّعى، أي: ما تَمَنَّى، والعرب تقول: ادَّع ما شئتَ، أي: تمنّ ما شئت. وقال الزّجّاج: وهو مأخوذ من الدًّعاء والمعنى: كلُّ ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم. وقوله: سَلامٌ بدل من «ما» المعنى: لهم ما يتمنَّون سلام، أي: هذا مُنى أهل الجنة أن يُسلِّم الله عليهم. وقَوْلًا منصوب على معنى: سلامٌ يقوله اللهُ قولاً. وقال أبو عبيدة: «سلامٌ» رفع على «لهم» فالمعنى: لهم فيها فاكهة ولهم فيها سلام.

وقال الفرّاء: معنى الكلام: لها ما يدَّعون مسلَّم خالص، ونصب القول، كأنكَ قلتَ: قاله قولاً، وإِن شئتَ جعلتَه نصباً من قوله تعالى: ولهم ما يدَّعون قولاًَ، كقولكَ: عِدَةً من الله. وقرأ ابن مسعود، وأًبيُّ بن كعب، والجحدري: «سلاما قولا» بنصبهما جميعا.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٩ الى ٦٤]

وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣)

اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)

قوله تعالى: وَامْتازُوا الْيَوْمَ قال ابن قتيبة: أي: انقطِعوا عن المؤمنين وتميَّزوا منهم، يقال: مِزتُ الشيءَ من الشيء: إذا عزلتَه عنه، فانماز وامتاز، وميّزتُه فتميَّز. قال المفسرون: إذا اختلط الإِنس والجن في الآخرة، قيل: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيقال للمجرمين: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ أي: ألم آمركم، ألم أوصِكم؟ و «تعبُدوا» بمعنى تُطيعوا، والشيطان هو إبليس، زيَّن لهم الشِّرك فأطاعوه، إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة، أخرج أبويكم من الجنة. وَأَنِ اعْبُدُونِي قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي: «وأَنُ اعبُدوني» بضم النون. وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة: «وأَنِ اعبُدوني» بكسر النون والمعنى: وحِّدوني هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ يعني التوحيد. وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف: «جُبُلاً» بضم الجيم والباء وتخفيف اللام، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر: «جُبْلاً» بضم الجيم وتسكين الباء مع تخفيف اللام. وقرأ نافع، وعاصم: «جِبِّلاً» بكسر الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو عبد الرّحمن السّلمي، والزّهري،


(١) الكهف: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>