أُخرى، إلا كتب الله له بها حسنة، وحظّ عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة» .
قوله تعالى: وَهُدىً لِلْعالَمِينَ، في معنى الهدى هاهنا أربعة أقوال: أحدها: أنه بمعنى القبلة، فتقديره: وقبلة للعالمين. والثاني: أنه بمعنى: الرحمة. والثالث: أنه بمعنى: الصلاح، لأن من قصده، صلحت حاله عند ربه. والرابع: أنه بمعنى: البيان، والدلالة على الله تعالى بما فيه من الآيات التي لا يقدر عليها غيره، حيث يجتمع الكلب والظبي في الحرم، فلا الكلب يهيج الظبي، ولا الظبي يستوحش منه، قاله القاضي أبو يعلى.
قوله تعالى: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ، الجمهور يقرءون: آيات. وروى عطاء عن ابن عباس أنه قرأ:
(فيه آية بينة مقام إبراهيم) ، وبها قرأ مجاهد. قالا: مقام إبراهيم. فأما مَن قرأ: آياتٌ فقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: الآيات: مقام إبراهيم، وأمنُ مَنْ دخله. فعلى هذا يكون الجمع معبراً عن التثنية، وذلك جائز في اللغة، كقوله تعالى: وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ «١» وقال أبو رجاء: كان الحسن يعدّهن، وأنا أنظر إلى أصابعه: مقام إبراهيم، ومَن دخله كان آمناً، ولله على الناس حج البيت. وقال ابن جرير: في الكلام إضمار، تقديره: منهن مقام إبراهيم. قال المفسرون: الآيات فيه كثيرة، منها مقام إبراهيم، ومنها: أمن من دخله، ومنها: امتناع الطير من العلو عليه، واستشفاء المريض منها به، وتعجيل العقوبة لمن انتهك حرمته، وإهلاك أصحاب الفيل لما قصدوا إخرابه، إلى غير ذلك. قال القاضي أبو يعلى: والمراد بالبيت هاهنا: الحرم كلُّه، لأن هذه الآيات موجودة فيه، ومقام إبراهيم ليس في البيت، والآية في مقام إبراهيم أنه قام على حجر، فأثّرت قدماه فيه، فكان ذلك دليلاً على قدرة الله، وصدق إبراهيم.
قوله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، قال القاضي أبو يعلى: لفظه لفظ الخبر، ومعناه: الأمر، وتقديره: ومَنْ دخَله، فأمنوه، وهو عام فيمن جنى جناية قبل دخوله، وفيمن جنى فيه بعد دخوله، إلا