فقال: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا والخبال: الفساد وذهاب الشيء. وقال ابن قتيبة: الخبال:
الشر.
فان قيل: كأن الصحابة كان فيهم خبال حتى قيل: ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا؟ فالجواب: أنه من الاستثناء المنقطع، والمعنى: ما زادوكم قوَّة، لكن أوقعوا بينكم خبالاً.
(٧٠٦) وقيل: سبب نزول هذه الآية أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لما خرج، ضرب عسكره على ثنيَّة الوداع، وخرج عبد الله بن أُبيّ، فضرب عسكره على أسفل من ذلك فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخلَّف ابن أُبي فيمن تخلَّف من المنافقين، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ قال الفراء: الإيضاع: السير بين القوم. وقال أبو عبيدة:
لأسرعوا بينكم، وأصله من التخلل. قال الزجاج: يقال: أوضعت في السير: أسرعت.
قوله تعالى: يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ قال الفراء: يبغونها لكم. وفي الفتنة قولان: أحدهما: الكفر، قاله الضحاك، ومقاتل، وابن قتيبة. والثاني: تفريق الجماعة، وشتات الكلمة. قال الحسن: لأوضعوا خلالكم بالنميمة لإفساد ذات بينكم.
قوله تعالى: وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ فيه قولان: أحدهما: عيون ينقلون إليهم أخباركم، قاله مجاهد، وابن زيد. والثاني: مَن يسمع كلامهم ويطيعهم، قاله قتادة، وابن إسحاق.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٤٨]]
لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ (٤٨)
قوله تعالى: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ في الفتنة قولان: أحدهما: الشر، قاله ابن عباس. والثاني:
الشرك، قاله مقاتل. قوله تعالى: مِنْ قَبْلُ أي: مِنْ قَبْلِ غزوة تبوك. وفي قوله تعالى: وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ خمسة أقوال: أحدها: بَغَوْا لك الغوائل، قاله ابن عباس. وقيل: إن اثني عشر رجلاً من المنافقين وقفوا على طريقه ليلاً ليفتكوا به، فسلَّمه الله منهم. والثاني: احتالوا في تشتُّت أمرك وإبطال دينك، قاله أبو سليمان الدمشقي. قال ابن جرير: وذلك كانصراف ابن أُبيّ يوم أُحد بأصحابه.
والثالث: أنه قولهم ما ليس في قلوبهم. والرابع: أنه ميلهم إليك في الظاهر، وممالأة المشركين في الباطن. والخامس: أنه حلفهم بالله لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ، ذكر هذه الأقوال الثلاثة الماوردي.
قوله تعالى: حَتَّى جاءَ الْحَقُّ يعني النصر وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ يعني الإسلام.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٤٩]]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩)
قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي
هو بعض حديث، أخرجه الطبري ١٦٧٩٩ من طريق ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر.