للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عزّ وجلّ: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ قال الزجاج: معناه: فأيَّ طريق تسلكون أَبْيَنَ من هذه الطريقة التي قد بيّنت لكم؟ قوله: إِنْ هُوَ أي: ما هو، يعني: القرآن إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أي: موعظة للخلق أجمعين لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ على الحق والإيمان. والمعنى: أن القرآن إنما يتعظ به من استقام على الحق. وقد بيَّنَّا سبيل الإستقامة، فمن شاء أخذ في تلك السبيل. ثم أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه بما بعد هذا، وقد بَيَّنَّا هذا في سورة الإنسان «١» .

(١٥١٦) قال أبو هريرة: لما نزلت لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ قالوا: الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فنزل قوله تعالى: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وقيل: القائل لذلك أبو جهل. وقرأ أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه، وأبو المتوكّل، وأبو عمران: «وما يشاءون» بالياء.

[فصل:]

وقد زعم بعض ناقلي التفسير أنّ قوله عزّ وجلّ: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وقوله عزّ وجلّ في (عبس) «٢» : فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ، وقوله عزّ وجلّ في سورة الإنسان «٣» وفي سورة المزمل «٤» :

فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا كله منسوخ بقوله عزّ وجلّ: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ولا أرى هذا القول صحيحاً، لأنه لو جاز وقوع مشيئتهم مع عدم مشيئته توجَّه النسخ. فأما إذ أخبر أن مشيئتهم لا تقع إلا بعد مشيئته، فليس للنّسخ وجه.


أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه كما في «الدر» ٦/ ٥٣٢ عن أبي هريرة، ولم أقف على إسناده، وتفردهما به دليل وهنه. وورد عن سليمان بن موسى قوله، وهو أصح. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٨٤٧ والطبري ٣٦٥٤٩ و ٣٦٥٥٠ عن سليمان بن موسى به.

<<  <  ج: ص:  >  >>