للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي: لا يطعمه، ولا يأمر بإطعامه فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ أي: قريب ينفعه، أي: يشفع له وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ في ثلاثة أقوال: أحدها: أنه صديد أهل النار، قاله ابن عباس. قال مقاتل: إِذا سال القيح، والدم، بادروا أكله قبل أن تأكله النار. والثاني: شجر يأكله أهل النار، قاله الضحاك، والربيع. والثالث: أنه غُسَالَةُ أجوافهم، قاله يحيى بن سلام. قال ابن قتيبة: وهو «فعلين» من «غسلت» كأنه غسالة.

قوله عزّ وجلّ: إِلَّا الْخاطِؤُنَ يعني: الكافرين.

[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٣٨ الى ٤٣]

فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢)

تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣)

قوله عزّ وجلّ: فَلا أُقْسِمُ «لا» ردٌّ لكلام المشركين، كأنه قيل: ليس الأمر كما يقول المشركون أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ وقال قوم: «لا» زائدة مؤكدة والمعنى: أقسم بما ترون، وما لا ترون، فأراد جميع الموجودات. وقيل: الأجسام والأرواح إِنَّهُ يعني: القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ فيه قولان: أحدهما: محمّد صلّى الله عليه وسلم، قاله الأكثرون. والثاني: جبريل، قاله ابن السائب، ومقاتل.

قال ابن قتيبة: لم يرد أنه قول الرسول، وإِنما أراد أنه قول الرسول عن الله تعالى، وفي الرسول ما يدل على ذلك، فاكتفى به من أن يقول عن الله، قوله: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وقرأ ابن كثير:

«يؤمنون» و «يَذَكَّرون» بالياء فيهما. قال الزجاج: «ما» مؤكدة، وهي لغو في باب الإعراب. والمعنى: قليلاً تؤمنون. وقال غيره: أراد نفي إيمانهم أصلاً. وقد بيَّنَّا معنى «الكاهن» في الطور «١» قال الزجاج: وقوله عزّ وجلّ: «تنزيل» مرفوع ب «هو» مضمرة يدل عليها قوله عزّ وجلّ: «وما هو بقول شاعر» هو تنزيل.

[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٤٤ الى ٥٢]

وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)

وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢)

قوله عزّ وجلّ: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا أي: لو تكلَّف محمد أن يقول علينا ما لم نقله لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أي: لأخذناه بالقوة والقدرة، قاله الفراء، والمبرد، والزجاج. قال ابن قتيبة: إنما أقام اليمين مقام القوة، لأن قوة كل شيء في ميامنه.

قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى، ومات صاحبه. قال أبو عبيدة: الوتين: نياط القلب، وأنشد الشَّمَّاخ:

إِذَا بَلَّغْتِنِي وَحَمَلْتِ رَحْلِي ... عَرَابَةَ فَاشْرَقِي بِدَمِ الوَتينِ

وقال الزجاج: الوتين: عرق أبيض غليظ كأنه قصبة.

قوله عزّ وجلّ: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ أي: ليس منكم أحد يحجزنا عنه، وإنما قال تعالى: حاجِزِينَ لأن أحداً يقع على الجمع، كقوله عزّ وجلّ: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ «٢» ،


(١) الطور: ٢٩.
(٢) البقرة: ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>