للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمة بن عبد الأسد «١» .

قوله عزّ وجلّ: إِنِّي ظَنَنْتُ أي: علمت وأيقنت في الدنيا أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ أي: أبعث، وأحاسب في الآخرة فَهُوَ فِي عِيشَةٍ أي: في حالة من العيش راضِيَةٍ قال الفراء: أي: فيها الرضى.

وقال الزجاج: أي: ذات رضىً يرضاها من يعيش فيها. وقال أبو عبيدة: مجازها مجاز مرضيّة، قوله:

فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ أي: عالية المنازل قُطُوفُها أي: ثمارها دانِيَةٌ أي: قريبة ممن يتناولها، وهي جمع قطف. والقطف: ما يقطف من الثمار. قال البراء بن عازب: يتناول الرجل الثمرة وهو نائم.

قوله عزّ وجلّ: كُلُوا أي: يقال لهم: كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ أي: قَدَّمتم من الأعمال الصالحة فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ الماضية، وهي أيام الدنيا. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ قال مقاتل: نزلت في الأسود بن عبد الأسد، قتله حمزة ببدر، وهو أخو أبي سلمة. وقيل: نزلت في أبي جهل «٢» .

قوله عزّ وجلّ: يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وذلك لما يرى فيه من القبائح وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ لأنه لا حاصل له في ذلك الحساب، إنما كلُّه عليه. وكان ابن مسعود، وقتادة، ويعقوب، يحذفون الهاء من «كتابيه» ، و «حسابيه» في الوصل. قال الزّجّاج: والوجه أن يوقف على هذه الهاءات، ولا توصل، لأنها أدخلت للوقف. وقد حذفها قوم في الأصل، ولا أُحبُّ مخالفة المصحف، وكذلك قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ «٣» .

قوله عزّ وجلّ: يا لَيْتَها يعني: الموتة التي ماتها في الدنيا كانَتِ الْقاضِيَةَ أي: القاطعة للحياة، فكأنه تمنَّى دوام الموت، وأنه لم يُبْعَثْ للحساب.

قوله هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ فيه قولان: أحدهما: ضلَّت عني حجتي، قاله مجاهد، وعكرمة، والضحاك، والسدي. والثاني: زال عني ملكي، قاله ابن زيد.

قوله عزّ وجلّ: خُذُوهُ أي: يقول الله تعالى: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ أي: اجمعوا يده إلى عنقه ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أي: أدخلوه النار. وقال الزجاج: اجعلوه يصلى النّار. قوله: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ وهي: حَلَقٌ منتظمة ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً وقال ابن عباس: بذراع المَلَك. وقال نوفٌ الشامي: كل ذراع سبعون باعاً، الباع أبعد مما بينك وبين مكة، وكان في رحبة الكوفة. وقال سفيان: كل ذراع سبعون ذراعاً. وقال مقاتل: ذرعها سبعون ذراعاً بالذراع الأول. ويقال: إن جميع أهل النار في تلك السلسلة.

قوله عزّ وجلّ: فَاسْلُكُوهُ أي: أدخلوه. قال الفراء: وذكر أنها تدخل في دبر الكافر فتخرج من رأسه، فذلك سلكه فيها. والمعنى: ثم اسلكوا فيه السلسلة، ولكن العرب تقول: أدخلت رأسي في القلنسوة، وأدخلتها في رأسي. ويقال: الخاتم لا يدخل في يدي، وإنما اليد تدخل في الخاتم، وإنما استجازوا ذلك، لأن معناه معروف.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ أي: لا يصدّق بوحدانيته وعظمته


(١) عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط الرواية، ليس بشيء. [.....]
(٢) الصحيح عموم الآية في كل من يؤتى كتابه بشماله.
(٣) القارعة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>