للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قال الزجاج: أي، ذلك الذي قال: إِني عبد الله، هو ابن مريم، لا ما تقول النصارى: إِنه ابن الله، وإِنه إِله. قوله تعالى: قَوْلَ الْحَقِّ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: «قولُ الحق» برفع اللام. وقرأ عاصم، وابن عامر، ويعقوب بنصب اللام. قال الزجاج: من رفع «قولُ الحق» فالمعنى: هو قولُ الحق، يعني هذا الكلام ومن نصب، فالمعنى: أقول قول الحقّ. وذكر ابن الأنباري في الآية وجهين: أحدهما: أنه لما وُصف بالكلمة جاز أن يُنعت بالقول. والثاني: أن في الكلام إِضماراً، تقديره: ذلك نبأُ عيسى، ذلك النبأ قول الحق. قوله تعالى: الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ أي: يشكُّون. قال قتادة: امترت اليهود فيه والنصارى، فزعم اليهود أنه ساحر، وزعم النصارى أنه ابن الله وثالث ثلاثة. قرأ أبو مجلز، ومعاذ القارئ، وابن يعمر، وأبو رجاء:

«تمترون» بالتاء.

قوله تعالى: ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ قال الزجاج: المعنى: أن يتخذ ولداً. و «مِنْ» مؤكِّدة تدل على نفي الواحد والجماعة، لأن للقائل أن يقول: ما اتخذت فرساً، يريد: اتخذت أكثر من ذلك، وله أن يقول: ما اتخذت فرسين ولا أكثر، يريد: اتخذت فرساً واحداً فإذا قال: ما اتخذت من فرس، فقد دلَّ على نفي الواحد والجميع. قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ وقرأ أبو عمران الجوني، وابن أبي عبلة:

«فيكونَ» بالنّصب، وقد ذكرنا وجهه في سورة البقرة «١» .

قوله تعالى: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ قرأ ابن كثير، ونافع وأبو عمرو: «وأن الله» بنصب الألف، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «وإِن الله» بكسر الألف. وهذا من قول عيسى فمن فتح، عطفه على قوله: وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وبأن الله ربّي ومن كسر، ففيه وجهان: أحدهما:

أن يكون معطوفاً على قوله: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ. والثاني: أن يكون مستأنفا.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)

قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ قال المفسرون: «مِنْ» زائدة، والمعنى: اختلفوا بينهم.

وقال ابن الأنباري: لما تمسَّك المؤمنون بالحق، كان اختلاف الأحزاب بين المؤمنين مقصوراً عليهم.

وفي الأحزاب قولان: أحدهما: أنهم اليهود والنصارى، فكانت اليهود تقول: إِنه لغير رِشْدَةٍ، والنصارى تدَّعي فيه ما لا يليق به. والثاني: أنهم فرق النّصارى، قال بعضهم، يعني اليعقوبيّة: هو الله، وقال بعضهم، يعني النّسطوريّة: ابن الله، وقال بعضهم: ثالث ثلاثة.

قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بقولهم في المسيح مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ أي: من حضورهم ذلك اليوم للجزاء.

قوله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ فيه قولان: أحدهما: أن لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر


(١) سورة البقرة: ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>