«ضَيْقاً» «١» بتسكين الياء خفيفة. قال أبو علي: الضَّيِّق، والضَّيْق: مثل الميّت، والميْت.
قوله تعالى: حَرَجاً قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: حَرَجاً بفتح الراء. وقرأ نافع، وابو بكر عن عاصم: بكسر الراء، قال الفراء: وهما لغتان. وكذلك قال يونس بن حبيب النحوي: هما لغتان، إلا أن الفتح أكثر على ألسنة العرب من الكسر، ومجراهما مجرى الدَّنَفِ والدَّنِفَ. وقال الزجاج: الحرج في اللغة: أضيق الضّيق.
قوله تعالى: كَأَنَّما يَصَّعَّدُ قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي:
«يصَّعد» بتشديد الصاد والعين وفتح الصاد من غير ألف. وقرأ أبو بكر عن عاصم: «يصّاعد» بتشديد الصاد وبعدها ألف. وقرأ ابن كثير: «يَصْعَد» بتخفيف الصاد والعين من غير ألف والصاد ساكنة، وقرأ ابن مسعود، وطلحة: «تصْعَدُ» بتاء من غير ألف. وقرأ أُبيُّ بن كعب: «يتصاعد» بألف وتاء. قال الزّجّاج: قوله تعالى: «كأنما يصّاعد في السماء» و «يصَّعَّد» ، أصله: «يتصاعد» ، و «يتصعد» ، إلا أن التاء تدغم في الصاد لقربها منها، والمعنى كأنه قد كُلِّف أن يَصْعَدَ إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه. ويجوز أن يكون المعنى: كأن قلبه يصعد في السماء نُبُوّاً عن الإسلام والحكمة. وقال الفراء: ضاق عليه المذهب، فلم يجد إلا أن يصعد في السماء، وليس يقدر على ذلك. وقال ابو علي:
«يَصَّعَّد» و «يَصّاعد» : من المشقة، وصعوبة الشيء، ومنه قول عمر: ما تَصَعَّدني شيء كما تصعدتني خطبة النكاح، أي: ما شق عليَّ شيء مشقتها.
قوله تعالى: كَذلِكَ أي: مثل ما قصصنا عليك. يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ وفيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه الشيطان، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. يعني: أن الله يسلِّطه عليهم. والثاني: أنه المأثم، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أنه مالا خير فيه، قاله مجاهد. والرابع: العذاب، قاله عطاء، وابن زيد، وأبو عبيدة. والخامس: أنه اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة، قاله الزجاج. وهذه الآية تقطع كلام القَدَريَّة، إذ قد صرحت بأن الهداية والإضلال متعلّقة بإرادة الله تعالى.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٦]]
وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦)
قوله تعالى: وَهذا صِراطُ رَبِّكَ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه القرآن، قاله ابن مسعود. والثاني:
التوحيد، قاله ابن عباس. والثالث: ما هو عليه من الدِّين، قاله عطاء.
ومعنى استقامته: أنه يؤدِّي بسالكه إلى الفوز، قال مكي بن أبي طالب: و «مستقيماً» : نصب على الحال من «صراط» ، وهذه الحال يقال لها: الحال المؤكدة، لأن صراط الله، لا يكون إلا مستقيماً، ولم يؤت بها لتفرق بين حالتين، إذ لا يتغير صراط الله عن الاستقامة أبدا، وليست هذه الحال كالحال من قولك: «هذا زيد راكباً» ، لأن زيداً قد يخلو من الرّكوب.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٧]]
لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)
قوله تعالى: لَهُمْ دارُ السَّلامِ يعني الجنة. وفي تسميتها بذلك أربعة أقوال: أحدها: أن السّلام،
(١) سورة الفرقان: ١٣.