(٢) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ١١/ ٣٠٩- ٣١٠: الأصل في التحريم بالرّضاع الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وأما السنة: ما روت عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الرضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة» . وفي لفظ «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» . والرضاع الذي لا يشك في تحريمه، أن يكون خمس رضعات فصاعدا. هذا الصحيح في المذهب وروي عن عائشة، وابن مسعود، وابن الزبير، وعطاء، وطاوس. وهو قول الشافعي. وعن أحمد رواية ثانية، أن قليل الرضاع وكثيره يحرّم وروي ذلك عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب، والحسن ومكحول والزهري وأصحاب الرأي، وزعم الليث أن المسلمين أجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيرة يحرّم في المهد ما يفطر به الصائم واحتجوا بالكتاب والسنة. وعن عقبة بن الحارث، أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت امرأة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. فذكرت ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «كيف، وقد زعمت أن قد أرضعتكما» . ولأن ذلك فعل يتعلق به تحريم مؤبد. فلم يعتبر فيه العدد. والرواية الثالثة، لا يثبت التحريم إلا بثلاث رضعات، وبه قال أبو ثور وداود وابن المنذر. لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تحرّم المصّة ولا المصتان» لأن ما يعتبر فيه العدد والتكرار، يعتبر فيه الثلاث. وإذا وقع الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضاع المحرّم هل كملا أو لا؟ لم يثبت التحريم لأن الأصل عدمه، فلا تزول عن اليقين بالشك. والسّعوط: بأن يصب اللبن في أنفه من إناء، والوجور: أن يصبّ في حلقه صبا من غير الثدي. فأصح الروايتين أن التحريم يثبت بذلك كما يثبت بالرضاع. وإن عمل اللبن جبنا ثم أطعمه الصبي، ثبت به التحريم، بهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يحرّم به، لزوال الاسم.