للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخزرج. فأما الذين في قلوبهم مرض، ففيهم ثلاثة أقوال:

(٦٥٣) أحدها: أنهم قوم كانوا قد تكلَّموا بالإِسلام بمكة فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر كُرهاً فلما رأوا قلَّة المسلمين وكثرة المشركين ارتابوا ونافقوا وقالوا: غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وإليه ذهب الشعبي في آخرين. وعدَّهم مقاتل فقال: كانوا سبعة: قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والحارث بن زمعة وعلي بن أمية بن خلف والعاص بن منبه بن الحجاج والوليد بن الوليد بن المغيرة والوليد بن عتبة بن ربيعة.

والثاني: أنهم المشركون، لما رأوا قلة المسلمين، قالوا: غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الحسن. والثالث: أنهم قوم مرتابون، لم يظهروا عداوة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ذكره الماوردي. والمرض ها هنا: الشّكّ، والإشارة بقوله تعالى: «هؤلاء» إلى المسلمين وإنما قالوا هذا، لأنهم رأوا قلَّة المسلمين، فلم يشكّوا في أن قريشا تغلبهم.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٥٠]]

وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠)

قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ قرأ الجمهور «يتوفى» بالياء. وقرأ ابن عامر «تتوفى» بتاءين. قال المفسرون: نزلت في الرهط الذين قالوا: «غرَّ هؤلاءِ دينهُم» . وفي المراد بالملائكة ثلاثة أقوال: أحدها: ملك الموت وحده، قاله مقاتل. والثاني: ملائكة العذاب، قاله أبو سليمان الدمشقي. والثالث: الملائكة الذين قاتلوا يوم بدر، ذكره الماوردي. وفي قوله تعالى:

يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ أربعة أقوال: أحدها: يضربون وجوههم ببدر لما قاتلوا، وأدبارهم لما انهزموا. والثاني: أنّهم جاءوهم من بين أيديهم ومن خلفهم، فالذين أمامهم ضربوا وجوههم، والذين وراءهم ضربوا أدبارهم. والثالث: يضربون وجوههم يوم القيامة إذ لقوهم، وأدبارهم إذا ساقوهم إلى النار. والرابع: أنهم يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت بسياط من نار. وهل المراد نفس الوجوه والأدبار، أم المراد ما أقبل من أبدانهم وأدبر؟ فيه قولان.

وفي قوله تعالى وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ قولان:

أحدهما: أنه في الدنيا وفيه إضمار «يقولون» ، فالمعنى: يضربون ويقولون، كقوله تعالى. وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا «١» أي: ويقولان. قال النابغة:

كأنكَ مِنْ جِمالِ بَني أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رجليه بشنّ «٢»


عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وهي رواية واهية. وأخرجه الطبري ١٦٢٠٨ و ١٦٢٠٩ عن عامر مرسلا بنحوه. وكرره ١٦٢١٠ عن مجاهد مرسلا بنحوه. وكرره ١٦٢١١ عن الحسن مرسلا بنحوه. وانظر «تفسير ابن كثير» ٢/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>