للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعَوْهم إِلى التوحيد. وقيل: هذا قولهم بينهم لما اجتمعوا خارج المدينة على ما ذكرنا في أول القصة.

فأما الشطط، فهو الجَوْر. قال الزّجّاج: يقال: شطّ الرجل، وأشطّ: إذ جار. ثم قال الفتية: هؤُلاءِ قَوْمُنَا يعنون الذين كانوا في زمن دقيانوس اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً أي: عبدوا الأصنام لَوْلا أي: هلاّ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ أي: على عبادة الأصنام بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ أي: بِحُجَّةٍ وإِنما قال: عليهم والأصنام مؤنَّثة، لأن الكفار نحلوها العقل والتمييز، فجرت مجرى المذكَّرين من الناس.

قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فزعم أنّ له شريكا؟!

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٦ الى ١٧]

وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (١٦) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧)

قوله تعالى: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ قال ابن عباس: هذا قول يمليخا، وهو رئيس أصحاب الكهف، قال لهم: وإِذ اعتزلتموهم، أي: فارقتموهم، يريد: عبدة الأصنام، وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فيه قولان:

أحدهما: واعتزلتم ما يعبدون، إِلا الله، فإن القوم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه آلهة، فاعتزل الفتية عبادة الآلهة، ولم يعتزلوا عبادة الله، هذا قول عطاءٍ الخراساني، والفراء. والثاني: وما يعبدون غير الله قال قتادة: هي في مصحف، عبد الله: «وما يعبدون من دون الله» ، وهذا تفسيرها. قوله تعالى:

فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ أي: اجعلوه مأواكم، يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ أي: يبسط عليكم من رزقه، وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً قرأ ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «مِرفَقا» بكسر الميم، وفتح الفاء، وقرأ نافع، وابن عامر: «مَرفِقا» بفتح الميم وكسر الفاء، قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: «مَرفِقاً» بفتح الميم وكسر الفاء في كل مرفق ارتفقت به، ويكسرون مِرفق الإِنسان، والعرب قد يكسرون الميم منهما جميعاً. قال ابن الأنباري: معنى الآية: ويهيّئ لكم من أمركم الصَّعب مرفقاً، قال الشاعر:

فليتَ لنا مِنْ ماءِ زَمْزَمَ شَربَةً ... مُبرّدةً باتت على طَهَيانِ «١»

معناه: فلَيت لنا بدلاً من ماء زمزم. قال ابن عباس: «ويهيّئ لكم» : يسهِّلْ عليكم ما تخافون من الملِك وظلمه ويأتِكم باليُسر والرِّفق واللُّطف.

قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ المعنى: لو رأيتَها لرأيت ما وصفنا. تَتَزاوَرُ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «تَزَّاوَرُ» بتشديد الزاي. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: «تَزَاور» خفيفة.

وقرأ ابن عامر: «تَزْوَرُّ» مثل: «تَحْمَرُّ» . وقرأ أُبيّ بن كعب، وأبو مجلز، وأبو رجاء، والجحدري:

«تَزْوَارُّ» باسكان الزاي، وبألف ممدودة بعد الواو من غير همزة، مشددة الراء. وقرأ ابن مسعود، وأبو المتوكل، وابن السميفع: «تَزْوَئِرُّ» بهمزة قبل الراء، مثل: «تَزْوَعِرُّ» . وقرأ أبو الجوزاء، وأبو السّمّال:


(١) البيت للأحول الكندي في «اللسان» - طها- و «البحر المحيط» ٦/ ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>