للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٧]]

تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧)

قوله تعالى: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ أي: تدخل ما نقّصت من هذا في هذا. قال ابن عباس، ومجاهد: ما ينقص من أحدهما يدخل في الآخر. قال الزجاج: يقال: ولج الشيء يلج ولوجاً وولجاً وولجة. قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم «وتخرج الحي من الميْت وتخرج الميّت من الحيّ» ، و «لبلد ميت» «١» ، وأَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً «٢» ، ووَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً «٣» ، والْأَرْضُ الْمَيْتَةُ «٤» : كله بالتخفيف. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ولِبَلَدٍ مَيِّتٍ وإِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ «٥» ، وخفف حمزة، والكسائي غير هذه الحروف. وقرأ نافع: «أو من كان ميِّتاً» ، و «الأرض الميِّتة» ، و «لحم أخيه ميّتا» «٦» ، وخفف في سائر القرآن ما لم يمت. وقال أبو علي: الأصل التثقيل، والمخفف محذوف منه، وما مات، وما لم يمت في هذا الباب مستويان في الاستعمال. وأنشدوا:

ومنهل فيه الغراب مَيتُ ... سَقَيتُ مِنه القومَ واستقيت

فهذا قد مات. وقال آخر: «٧»

ليسَ مَن ماتَ، فاستراحَ بميتٍ ... إِنما المَيْتُ ميّت الأحياء

فخفف ما مات، وشدد ما لم يمت. وكذلك قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «٨» . ثم في معنى الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أنه إخراج الإنسان حياً من النطفة، وهي ميتة. وإخراج النطفة من الإنسان، وكذلك إخراج الفرخ من البيضة من الطائر، هذا قول ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، والجمهور. والثاني: أنه إخراج المؤمن الحي بالإيمان من الكافر الميت بالكفر، وإخراج الكافر الميت بالكفر من المؤمن الحي بالإيمان، روى نحو هذا الضحاك عن ابن عباس، وهو قول الحسن، وعطاء. والثالث: أنه إخراج السنبلة الحيّة من الحبة الميّتة، والنخلة الحيّة من النواة الميّتة، والنواة الميّتة من النخلة الحية، قاله السدي. وقال الزجاج: يخرج النبات الغض من الحب اليابس، والحب اليابس من النبات الحي النامي.

قوله تعالى: بِغَيْرِ حِسابٍ أي: بغير تقتير. قال الزجاج: يقال للذي ينفق موسعاً: فلان ينفق بغير حساب، كأنه لا يحسب ما أنفقه إنفاقا.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٨]]

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)

قوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ، في سبب نزولها أربعة أقوال:


(١) الأعراف: ٥٧.
(٢) الأنعام: ١٢٢.
(٣) الأنعام: ١٣٩.
(٤) يس: ٣٣.
(٥) فاطر: ٩.
(٦) الحجرات: ١٢.
(٧) هو عدي بن الرّعلاء. كما في «اللسان» .
(٨) الزمر: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>