للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، كذَّبوا بها، وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ أي: أن الكذب نعت لازم لهم، وعادة من عاداتهم، وهذا ردَّ عليهم إِذ قالوا: إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ «١» . وهذه الآية من أبلغ الزجر عن الكذب، لأنه خصّ به من لا يؤمن.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٠٦ الى ١١١]

مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠)

يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١١١)

قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ. قال مقاتل:

(٨٧٦) نزلت في عبد الله بن سعد بن أَبي سرح القرشي، ومِقْيَس بن صُبابة، وعبد الله بن أنس بن خَطَل، وطعمة بن أُبيرِق، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وقيس بن الفاكه المخزومي.

فأما قوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ فاختلفوا فيمن نزل على أربعة أقوال:

(٨٧٧) أحدها: أنه نزل في عمار بن ياسر، أخذه المشركون فعذَّبوه، فأعطاهم ما أرادوا بلسانه، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال قتادة.

(٨٧٨) والثاني: أنه لما نزل قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآيتين اللتين


عزاه المصنف لمقاتل، وهو ابن سليمان إن أطلق، وهو ممن يضع الحديث، فهذا خبر باطل، وقد تفرّد به.
حسن، أخرجه الطبري ٢١٩٤٤ عن ابن عباس في قوله مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ... إلى آخر الآية، وذلك أن المشركين أصابوا عمار بن ياسر فعذبوه، ثم تركوه، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثه بالذي لقي من قريش والذي قال. فأنزل الله تعالى ذكره عذره مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ.... إلى قوله وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» ١/ ١٤٠ عن مجاهد مرسلا.
وله شاهد عند الحاكم ٢/ ٣٥٧، وعبد الرزاق في تفسيره ١٥٠٩، والطبري ٢١٩٤٦ من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه. وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي، مع أن مداره على محمد بن عمار بن ياسر، وهو مقبول، ولم يرو له الشيخان، لكن أصل الخبر محفوظ، فقد أخرجه الطبري ٢١٩٤٧ عن أبي مالك مرسلا. وله شاهد من مرسل قتادة: أخرجه الطبري ٢١٩٤٤. الخلاصة: هذه الروايات تتأيد بمجموعها، وله شواهد أخرى أوردها السيوطي في «الدر» ٤/ ٢٤٩.
حسن. أخرجه الطبري ٢١٩٥٣ بإسناد حسن عن ابن عباس. وله شاهد من مرسل قتادة، أخرجه الطبري ٢١٩٥٢. وله شاهد من مرسل مجاهد، أخرجه الطبري ٢١٩٥٠ و ٢١٩٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>