للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بياءين، بيَّن ولم يُدغم. ومن أدغم ياء «حيي» فلاجتماع حرفين من جنس واحد. وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: ليُقتَل من قُتل من المشركين عن حُجة، ويبقى من بقي منهم عن حُجة. والثاني:

ليكفر من كفر بعد حُجة، ويؤمن من آمن عن حُجة.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٣]]

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣)

قوله تعالى: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا فيه قولان:

(٦٤٩) أحدهما: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم رأى عسكر المشركين في المنام قبل لقائهم في قلَّة، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال مجاهد: لما أخبر أصحابه بأنه رآهم في المنام قليلاً، كان ذلك تثبيتاً لهم.

قال أبو سليمان الدمشقي: والكلام متعلق بما قبله، فالمعنى: وإن الله لسميع لما يقوله أصحابك، عليم بما يضمرونه، إذ حدثتَهم بما رأيت في منامك.

والثاني: إذ يريكهم الله بعينك التي تنام بها، قاله الحسن «١» . قال الزجاج: وكثير من النحويين يذهبون إلى هذا المذهب. ومعناه عندهم: إذ يريكهم الله في موضع منامك، أي: بعينك ثم حذف الموضع، واقام المنام مقامه.

قوله تعالى: لَفَشِلْتُمْ أي: لجبنتم وتأخَّرتم عن حربهم. وقال مجاهد: لفشل أصحابك، ولرأوا ذلك في وجهك. قوله تعالى: وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ أي: لاختلفتم في حربهم، فكان ذلك من دواعي هزيمتكم، وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ من المخالفة والفشل.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤٤]]

وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)

قوله تعالى: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا قال مقاتل: صدَّق الله رؤيا رسوله التي أخبر بها المؤمنين عن قلة عدوهم قبل لقائهم، بأن قلَّلهم وقت اللقاء في أعينهم. وقال ابن مسعود: لقد قلُّوا في أعيننا، حتى قلت لرجل إلى جانبي: أتُراهم سبعين؟ قال: أُراهم مائة حتى أخذنا رجلاً منهم، فسألناه، فقال: كنَّا ألفاً. قال أبو صالح عن ابن عباس: استقلَّ المسلمون المشركين، والمشركون المسلمين، فاجترأ بعضهم على بعض. فإن قيل: ما فائدة تكرير الرّؤية ها هنا. وقد ذكرت في قوله تعالى: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ؟ فعنه جوابان: أحدهما: أن الأولى كانت في المنام، والثانية في اليقظة.

والثاني: أنّ الأولى للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة، والثانية له ولأصحابه. فان قيل: تكثير المؤمنين في أعين الكافرين


عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس وهي رواية واهية كما تقدم مرارا.
- وأخرجه الطبري ١٦١٦٥ عن مجاهد بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>