فأما «الكلمة» فقال المفسرون هي: لا إله إلا الله. فإن قيل: فهذه كلمات، فلم قال كلمة؟ فعنه جوابان: أحدهما: أن الكلمة تعبر عن ألفاظ وكلمات. قال اللغويون: ومعنى كلمة: كلام فيه شرح قصة وإن طال، تقول العرب قال زهير في كلمته يراد في قصيدته: قالت الخنساء: وقافيةٍ مثلِ حدِّ السنا ... ن تبقى ويذهبُ من قالها تقدُّ الذّؤابة مِن يَذْبلٍ ... أبت أن تزايل أو عالها «٢» نطْقتَ ابنَ عمروٍ فسهَّلتها ... ولم ينطق الناس أمثالها فأوقعت القافية على القصيدة كلّها، والغالب على القافية أن تكون في آخر كلمة، من البيت، وإنما سمّيت قافية، لأن الكلمة تتبع البيت، وتقع آخره، فسمّيت قافية، من قول العرب: قفوت فلانا: إذا اتّبعته، وإلى هذا الجواب يذهب الزجّاج وغيره. والثاني: أن المراد بالكلمة: كلمات، فاكتفى بالكلمة من كلمات كما قال علقمة بن عبدة: بها جيف الحسرى فأمّا عظامها ... فبيض وأمّا جلدها فصليب أراد: وأما جلودها، فاكتفى بالواحد من الجمع، ذكره والذي قبله ابن الأنباريّ. قوله تعالى: سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ قال الزجّاج: يعني بالسّواء العدل، وهو من استواء الشيء، ويقال: للعدل سواء وسواء. قال زهير بن أبي سلمى: أروني خطّة لا ضيم فيها ... يسوّي بيننا فيها السّواء فإن تركا السّواء فليس بيني ... وبينكم بني حصن بقاء قال: وموضوع «أن» في قوله تعالى: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ خفض على البدل من «كلمة» المعنى: (١٨١) لم أقف له على إسناد، وهو غريب جدا، ويأتي في مطلع سورة مريم شيء من هذا.