فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: عَلِم أن الصَّلاح في الصُّلح. والثاني: أن في تأخير الدُّخول صلاحاً. والثالث: فعلم أن يفتح عليكم خيبر قبل ذلك.
قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً فيه قولان «١» : أحدهما: فتح خيبر، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وابن زيد، ومقاتل. والثاني: صلح الحديبية، قاله مجاهد والزهري وابن إِسحاق. وقد بيَّنّا كيف كان فتحاً في أول السورة. وما بعد هذا مفسر في براءة «٢» : إِلى قوله وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً وفيه قولان: أحدهما: أنه شَهِدَ على نَفْسه أنه يُظْهِره على الدِّين كُلِّه، قاله الحسن. والثاني: كفى به شهيداً أن محمّدا رسوله، قاله مقاتل.
قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وقرأ الشعبي، وأبو رجاء، وأبو المتوكل، والجحدري:«محمداً رسولُ الله» بالنصب فيهما. قال ابن عباس: شَهِد له بالرِّسالة. قوله تعالى: وَالَّذِينَ مَعَهُ يعني أصحابه، والأشدّاء: جمع شديد. قال الزجاج: والأصل: أَشْدِدَاءُ، نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدّالَين تحركتا، فأُدغمت الأولى في الثانية، ومثله: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ «٣» . قوله تعالى: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ الرُّحَماء جمع رحيم، والمعنى أنهم يُغْلِظون على الكفار، وَيتوادُّون بينَهم تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَصِفُ كثرة صَلاتهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وهو الجنة وَرِضْواناً وهو رضى الله عنهم. وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجُمهور.
(١٣٠٢) وروى مبارك بن فضاله عن الحسن البصري أنه قال: «والذين معه» أبو بكر «أشداء على الكفار» عمر «رحماء بينهم» عثمان «تراهم رُكَّعاً سُجَّداً» عليّ بن أبي طالب «يبتغون فضلاً من الله ورضواناً» طلحة والزّبير وعبد الرّحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة.
قوله تعالى: سِيماهُمْ أي: علامتهم فِي وُجُوهِهِمْ، وهل هذه العلامة في الدنيا، أم في الآخرة؟ فيه قولان «٤» : أحدهما: في الدنيا. ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها السّمت الحسن، قاله ابن
لا يصح هذا عن الحسن، مبارك غير قوي، والأثر من بدع التأويل.