للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٤٢]]

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)

قوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ. فيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم اليهود، قاله البراء بن عازب، ومجاهد، وسعيد بن جبير. والثاني: أنهم أهل مكة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث:

أنهم المنافقون، ذكره السدي عن ابن مسعود، وابن عباس. وقد يمكن أن يكون الكل قالوا ذلك، والآية نزلت بعد تحويل القبلة. والسفهاء: الجهلة. ما ولاهم، أي: صرفهم عن قبلتهم، يريد: قبلة المقدس.

واختلف العلماء في مدّة صلاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى بيت المقدس، بعد قدومه المدينة على ستة أقوال:

(٥٢) أحدها: أنه ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر، قاله البراء بن عازب.

والثاني: سبعة عشر شهراً، قاله ابن عباس. والثالث: ثلاثة عشر شهراً، قاله معاذ بن جبل.

والرابع: تسعة أشهر، قاله أنس بن مالك. والخامس: ستة عشر شهراً. والسادس: ثمانية عشر شهراً، روي القولان عن قتادة.

وهل كان استقباله بيت المقدس برأيه، أو عن وحي؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه كان بأمر الله تعالى ووحيه، قاله ابن عباس «١» ، وابن جريج.


صحيح. أخرجه البخاري ٤٤٨٦ و ٧٢٥٢ ومسلم ٥٢٥ والترمذي ٣٤٠ وأحمد ٤/ ٢٨٣ وابن ماجة ١٠١٠ وابن حبان ١٧١٦ عن البراء رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا- أو سبعة عشر شهرا- وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلّى صلاة العصر وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون قال: أشهد بالله لقد صلّيت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. واللفظ للبخاري.
- وقال الحافظ في «الفتح» ١/ ٩٦- ٩٧ تعليقا على قوله في الحديث «ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا» :
رواه أبو عوانة في صحيحه عن عمّار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال «ستة عشر» من غير شك وكذا لمسلم وللنسائي ولأحمد بسند صحيح عن ابن عباس. وللبزار والطبراني من حديث عمرو بن عوف «سبعة عشر» وكذا للطبراني عن ابن عباس. والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الزائد، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا، ومن شك تردد في ذلك، وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس. وقال ابن حبان «سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام» وهو مبني على القدوم الذي كان في ثاني عشر شهر ربيع الأول. ومن الشذوذ رواية «ثمانية عشر شهرا» وثلاثة عشر شهرا ورواية تسعة أشهر أو عشرة أشهر ورواية شهرين ورواية سنتين، وهذه الأخيرة يمكن حملها على الصواب. وأسانيد الجميع ضعيفة. والاعتماد على القول الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>