للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٣ الى ١٧]

وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧)

قوله تعالى: وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يعني من المنافقين. وفي القائلين لهذا منهم قولان:

أحدهما: عبد الله بن أُبيّ وأصحابه، قاله السدي. والثاني: بنو سالم من المنافقين، قاله مقاتل.

قوله تعالى: يا أَهْلَ يَثْرِبَ قال أبو عبيدة: يَثْرِب اسم أرض، ومدينةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في ناحية منها.

قوله تعالى: لا مُقامَ لَكُمْ وقرأ حفص عن عاصم: لا مُقامَ بضم الميم. قال الزجاج: من ضمَّ الميم، فالمعنى: لا إِقامة لكم ومن فتحها، فالمعنى: لا مكان لكم تُقيمون فيه. وهؤلاء كانوا يثبّطون المؤمنين عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم. قوله تعالى: فَارْجِعُوا أي: إِلى المدينة.

(١١٢٣) وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج بالمسلمين حتى عسكروا ب «سَلْعِ» ، وجعلوا الخندق بينهم وبين القوم، فقال المنافقون للناس: ليس لكم ها هنا مقام، لكثرة العدوّ، هذا قول الجمهور.

وحكى الماوردي قولَين آخرَين:

أحدهما: لا مُقام لكم على دين محمد فارجِعوا إِلى دين مشركي العرب، قاله الحسن.

والثاني: لا مُقام لكم على القتال، فارجعوا إِلى طلب الأمان، قاله الكلبي.

قوله تعالى: وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ فيه قولان: أحدهما: أنهم بنو حارثة، قاله ابن عباس.

وقال مجاهد: بنو حارثة بن الحارث بن الخزرج. وقال السدي: إِنما استأذنه رجلان من بني حارثة.

والثاني: بنو حارثة، وبنو سلمة بن جشم، قاله مقاتل.

قوله تعالى: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ قال ابن قتيبة: أي: خاليةٌ، فقد أمْكَن من أراد دخولَها، وأصل العَوْرة: ما ذهب عنه السِّتر والحِفظ، فكأنَّ الرجال سِترٌ وحفظٌ للبيوت، فاذا ذهبوا أعْوَرت البيوتُ، تقول العرب: أَعْوَرَ منزلي: إِذا ذهب سِتْرُه، أو سقط جداره، وأعْوَرَ الفارسُ: إِذا بان منه موضع خلل للضرب والطعن، يقول الله تعالى وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ لأنّ الله تعالى يحفظها، ولكن يريدون الفرار. وقال الحسن، ومجاهد قالوا: بيوتنا ضائعة نخشى عليها السُّرَّاق. وقال قتادة: قالوا: بيوتنا ممَّا يلي العدوّ، ولا نأمن على أهلنا، فكذّبهم الله تعالى وأعلَم أنَّ قصدهم الفرار.

قوله تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها يعني المدينة والأقطار: النواحي والجوانب، واحدها: قُطْر، ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ وقرأ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، والضحاك، والزهري، وأبو عمران وأبو جعفر، وشيبة: «ثم سُيِلوا» برفع السين وكسر الياء من غير همز. وقرأ أُبيُّ بن كعب، ومجاهد وأبو الجوزاء: «ثم سوئلوا» برفع السين ومدِّ الواو بهمزة مكسورة بعدها. وقرأ الحسن، وأبو


ذكره الطبري ١٠/ ٢٧٠ عند تفسير هذه الآية فقال: وهو قول أوس بن قيظي ومن كان على ذلك من رأيه ذكر ذلك في حديث ابن إسحاق أخرجه برقم ٢٨٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>