للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٤ الى ٦٦]

قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨)

إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠) فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣)

وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥) وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦)

قوله تعالى: قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي أي: بالولد عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ أي: على حالة الكِبَر والهرم فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قرأ أبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «تُبشِّرونَ» بفتح النون. وقرأ نافع بكسر النون، ووافقه ابن كثير في كسرها، لكنه شددها. وهذا استفهام تعجب، كأنه عجب من الولد على كِبَرِه. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ أي: بما قضى الله أنه كائن فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ يعني:

الآيسين. قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: «ومن يقنَط» بفتح النون في جميع القرآن. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: «يقنِط» بكسر النون. وكلّهم قرءوا مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا بفتح النون، وروى خارجة عن أبي عمرو «ومن يقنُط» بضم النون. قال الزجاج: يقال: قنِط يقنَط، وقنَط يقنِط، والقُنوط بمعنى اليأس، ولم يكن إِبراهيم قانطاً، ولكنه استبعد وجود الولد. قالَ فَما خَطْبُكُمْ أي: ما أمرُكم؟ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا أي: بالعذاب. وقوله تعالى: إِلَّا آلَ لُوطٍ استثناء ليس من الأول. فأما آل لوط فهم أتباعه المؤمنون. قوله تعالى: إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «لمنجُّوهم» مشددة الجيم. وقرأ حمزة والكسائي «لمُنجوهم» خفيفة.

قوله تعالى: إِلَّا امْرَأَتَهُ المعنى: إٍنا لمنجوهم إِلا امرأته قَدَّرْنا وروى أبو بكر عن عاصم «قَدَرْنا» بالتخفيف، والمعنى واحد، يقال: قدَّرت وقدّرْت، والمعنى: قضينا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ يعني: الباقين في العذاب.

قوله تعالى: إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ يعني: لا أعرفكم، قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ يعنون: العذاب، كانوا يشكّون في نزوله. وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ أي: بالأمر الذي لا شك فيه من عذاب قومك. قوله تعالى: وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ أي: سِرْ خلفهم وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ أي: حيث يأمركم جبريل، وفي المكان الذي أُمِروا بالمضي إِليه قولان: أحدهما: أنه الشام، قاله ابن عباس. والثاني:

قرية من قرى لوط، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أي: أوحينا إِليه ذلك الأمر، أي: الأمر بهلاك قومه. قال الزجاج: فسَّر: ما الأمر بباقي الآية، والمعنى: وقضينا إِليه أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فأما الدّابر، فقد سبق تفسيره، والمعنى: إِن آخر من يبقى منكم يَهْلِك وقت الصّبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>