أربعة أقوال: أحدها: أنه العذاب، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والضحاك، وقال أبو صالح عن ابن عباس: ناراً من السماء. والثاني: قضاءً من الله يقضيه، قاله ابن زيد. والثالث: مراميَ من السماء، واحدها: حسبانة، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة. قال النّضر بن شُمَيل: الحُسبان: سهام يرمي بها الرجل في جوف قصبة تُنزع في القوس، ثم يرمي بعشرين منها دفعة، فعلى هذا القول يكون المعنى: ويرسل عليها مراميَ من عذابه، إِما حجارة أو بَرَداً أو غيرهما مما يشاء من أنواع العذاب.
ويرسل عليها عذابَ حسابِ ما كسبت يداه، هذا قول الزجاج.
قوله تعالى: فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً قال ابن قتيبة: الصعيد: الأملس المستوي، والزَّلَق: الذي تَزِلُّ عنه الأقدام، والغَور: الغائر، فجعل المصدر صفة، يقال: ماءٌ غَوْر، ومياه غَوْرٌ، ولا يثنَّى، ولا يجمع، ولا يؤنَّث، كما يقال: رجلٌ نَوْمٌ، ورجلٌ صَوْمٌ، ورجلٌ فِطْر، ورجالٌ نَوْمُ، ونساءٌ نَوْمٌ، ونساءٌ صَوْمٌ. ويقال للنساء إِذا نُحْنَ: نَوْح، والمعنى: يذهب ماؤها غائراً في الأرض، أي: ذاهبا فيها. فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً فلا يبقى له أثر تطلبه به، ولا تناله الأيدي ولا الأَرْشية. وقال ابن الأنباري:«غَوْراً» إِذا غوَّر، فسقط المضاف، وخلفه المضاف إليه، والمراد بالطّلب ها هنا: الوصول، فقام الطلب مقامه لأنه سببه. وقرأ أبو المتوكّل وأبو الجوزاء:«غُؤُورَاً» برفع الغين والواو الأولى جميعاً وواو بعدها.
قوله تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ أي: أحاط اللهُ العذابَ بثمره، وقد سبق معنى الثمر. فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ أي: يضرب بيد على يد، وهذا فعل النادم، عَلى ما أَنْفَقَ فِيها أي: في جنّته، و «في» ها هنا بمعنى «على» . وَهِيَ خاوِيَةٌ أي: خالية ساقطة عَلى عُرُوشِها والعُروش: السقوف والمعنى: أن حيطانها قائمة والسقوف قد تهدَّمت فصارت في قرارها، فصارت الحيطان كأنها على السقوف. وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً فأخبر الله تعالى أنه لما سلبه ما أنعم به عليه، وحقق ما أنذره به أخوه في الدنيا، ندم على شِركه حين لا تنفعة الندامة. وقيل: إِنما يقول هذا في القيامة. وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم:«ولم تكن» بالتاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف:«ولم يكن» بالياء. والفئة: الجماعة يَنْصُرُونَهُ أي: يمنعونه من عذاب الله.
قوله تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وعاصم:«الوَلاية» بفتح الواو، و «لله الحقِّ» بكسر القاف أيضاً. وقرأ حمزة «الولاية» بكسر الواو، و «الحقِّ» بكسر القاف أيضاً. وقرأ أبو عمرو بفتح واو الولاية، ورفع «الحقُّ» ، ووافقه الكسائيُّ في رفع القاف، لكنه كسر «الوِلاية» ، قال الزجاج: معنى الولاية في مثل تلك الحال: تبيين نصرة وليِّ الله. وقال غيره: هذا الكلام عائد إِلى ما