لَهُمُ الْجَنَّةَ: وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا، قال: وقوله تعالى: فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يدل على أن أهل كل ملة أُمروا بالقتال ووُعدوا عليه الجنة. قوله تعالى: وَمَنْ أَوْفى أي: لا أحد أوفى بما وعد مِنَ اللَّهِ. فَاسْتَبْشِرُوا أي: فافرحوا بهذا البيع.
[[سورة التوبة (٩) : آية ١١٢]]
التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢)
قوله تعالى: التَّائِبُونَ.
(٧٦١) سبب نزولها: أنه لما نزلت التي قبلها، قال رجل: يا رسول الله، وإن سرق وإن زنى وإن شرب الخمر؟ فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
قال الزجاج: يصلح الرفع هاهنا على وجوه أحدها: المدح، كأنه قال: هؤلاء التائبون، أو هم التائبون. ويجوز أن يكون على البدل، والمعنى: يقاتل التائبون فهذا مذهب أهل اللغة، والذي عندي أنه رفعٌ بالابتداء، وخبره مضمر، المعنى: التائبون ومن ذُكر معهم لهم الجنة أيضاً وإن لم يجاهدوا إذا لم يقصدوا ترك الجهاد ولا العناد، لأن بعض المسلمين يجزئ عن بعض في الجهاد. وللمفسرين في قوله تعالى: التَّائِبُونَ قولان: أحدهما: الراجعون عن الشرك والنفاق والمعاصي. والثاني: الراجعون إلى الله في فعل ما أمر واجتناب ما حظر. وفي قوله تعالى: الْعابِدُونَ ثلاثة أقوال: أحدها: المطيعون لله بالعبادة، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: المقيمون الصلاة، قاله الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: الموحِّدون، قاله سعيد بن جبير.
قوله تعالى: الْحامِدُونَ قال قتادة: يحمدون الله تعالى على كل حال. وفي السائحين أربعة أقوال: أحدها: الصائمون، قاله ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة في آخرين. قال الفراء: ويرى أهل النظر أن الصائم إنما سمي سائحاً تشبيهاً بالسائح، لأن السائح لا زاد معه والعرب تقول للفرس إذا كان قائماً لا علف بين يديه: صائم، وذلك أن له قُوتين، غدوة وعشية، فشُبه به صيام الآدمي لتسحُّره وإفطاره. والثاني: أنهم الغزاة، قاله عطاء. والثالث: طلاب العلم، قاله عكرمة. والرابع: المهاجرون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ يعني في الصلاة الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وهو طاعة الله وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو معصية الله. فان قيل: ما وجه دخول الواو في قوله تعالى:
وَالنَّاهُونَ؟ فعنه جوابان: أحدهما: أن الواو إنما دخلت هاهنا لأنها الصفة الثامنة، والعرب تعطف بالواو على السّبعة، كقوله تعالى: وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ «١» وقوله في صفة الجنّة: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها «٢» ، ذكره جماعة من المفسرين. والثاني: أن الواو إنما دخلت على الناهين لأن الآمر بالمعروف ناه عن
لم أقف عليه، وأمارة الوضع لائحة عليه، حيث لا ذكر له في كتب الحديث والأثر بهذا اللفظ والسياق.