للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد علمتم أني من أرماكم بسهمٍ، وأيم الله لا تصلون إليَّ حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فان شئتم دللتكم على مالي. قالوا: فدلنا على مالك نخلِّ عنك، فعاهدهم على ذلك، فنزلت فيه هذه الآية، فلمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ربح البيع يا أبا يحيى» ؟ وقرأ عليه القرآن. هذا قول سعيد بن المسيب، وذكر نحوه أبو صالح عن ابن عباس، وقال: إن الذي تلقاه فبشره بما نزل فيه أبو بكر الصديق «١» .

وذكر مقاتل أنه قال للمشركين: أنا شيخ كبير لا يضركم إن كنت معكم أو عليكم، ولي عليكم حق لجواري فخذوا مالي غير راحلة، واتركوني وديني، فاشترط أن لا يمنع عن صلاة ولا هجرة، فأقام ما شاء الله، ثم ركب راحلته، فأتى المدينة مهاجراً، فلقيه أبو بكر فبشره وقال: نزلت فيك هذه الآية «٢» . وقال عكرمة: إنها نزلت في صهيب، وأبي ذر الغفاري، فأما صهيب، فأخذه أهله فافتدى بماله، وأما أبو ذر، فأخذه أهله فأفلت منهم حتى قدم مهاجراً «٣» .

والرابع: أنها نزلت في المجاهدين في سبيل الله، قاله الحسن وابن زيد في آخرين.

والخامس: أنها نزلت في المهاجرين والأنصار حين قاتلوا على دين الله حتى ظهروا، هذا قول قتادة. و «يشري» كلمة من الأضداد، يقال: شرى، بمعنى: باع، وبمعنى: اشترى، فمعناها على قول من قال: نزلت في صهيب معنى: يشتري. وعلى بقية الأقوال بمعنى: يبيع.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٠٨ الى ٢١٠]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً، اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها نزلت فيمن أسلم من أهل الكتاب، كانوا بعد إسلامهم يتقون السبت ولحم الجمل، وأشياء يتقيها أهل الكتاب، رواه أبو صالح عن ابن عباس «٤» . والثاني: أنها نزلت في أهل الكتاب الذين


(١) عزاه لأبي صالح عن ابن عباس، ورواية أبي صالح، هو الكلبي وهو كذاب، وأبو صالح متروك عن ابن عباس. فلا فائدة من هذه الطريق، والعبرة بما تقدم.
(٢) عزاه لمقاتل، وهو متهم أيضا، وانظر ما بعده.
(٣) أخرجه الطبري ٤٠٠٤ عن عكرمة مرسلا. وأخرجه الحاكم ٣١٣/ ٤٠٠ عن ابن جريج، وهذا معضل.
(٤) تقدم أنه من رواية الكلبي، وهو متهم عن أبي صالح، وهو واه.

<<  <  ج: ص:  >  >>