يؤنّثه، ذكره ابن الأنباري. قال المفسرون: فأقبلوا على ابن يامين، وقالوا: أي شيء صنعت؟! فضحتنا وأزريت بأبيك الصدِّيق، فقال: وضع هذا في رحلي الذي وضع الدراهم في رحالكم، وقد كان يوسف أخبر أخاه بما يريد أن يصنع به.
قوله تعالى: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ فيه أربعة أقوال: أحدها: كذلك صنعنا له، قاله الضحاك عن ابن عباس. والثاني: احتلنا له، والكيد: الحيلة، قاله ابن قتيبة. والثالث: أردنا ليوسف، ذكره ابن القاسم. والرابع: دبَّرنا له بأن ألهمناه ما فعل بأخيه ليتوصل إِلى حبسه. قال ابن الأنباري: لما دبَّر الله ليوسف ما دبَّر من ارتفاع المنزلة وكمال النعمة على غير ما ظن إِخوتُه، شُبِّه بالكيد من المخلوقين، لأنهم يسترون ما يكيدون به عمن يكيدونه.
قوله تعالى: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ في المراد بالدين ها هنا قولان:
أحدهما: أنه السلطان، فالمعنى: في سلطان الملك، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: أنه القضاء، فالمعنى: في قضاء الملك، لأن قضاء الملك أن من سرق إِنما يُضرب ويُغرَّم، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وبيانه أنه لو أجرى أخاه على حكم الملك ما أمكنه حبسه، لأن حكم الملك الغرم والضرب فحسب، فأجرى الله على ألسنة إِخوته أن جزاء السارق الاسترقاق، فكان ذلك مما كاد الله ليوسف لطفاً حتى أظفره بمراده بمشيئة الله، فذلك معنى قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ. وقيل: إِلا أن يشاء الله إِظهار علَّة يستحق بها أخاه.
قوله تعالى: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وقرأ يعقوب «يرفع درجاتِ من يشاء» بالياء فيهما. وقرأ أهل الكوفة «درجاتٍ» بالتنوين، والمعنى: نرفع الدرجات بصنوف العطاء، وأنواع الكرامات، وابواب العلوم، وقهر الهوى، والتوفيق للهدى، كما رفعنا يوسف. وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ أي: فوق كل ذي علم رفعه الله بالعلم مَن هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إِلى الله تعالى، والكمال في العلم معدوم من غيره. وفي مقصود هذا الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: أن المعنى: يوسف أعلم من إِخوته، وفوقه من هو أعلم منه. والثاني: أنه نبَّه على تعظيم العِلم، وبيَّن أنه أكثر من أن يُحاط به. والثالث: أنه تعليم للعالم التّواضع لئلّا يعجب.
قوله تعالى: قالُوا يعني: إِخوة يوسف إِنْ يَسْرِقْ يعنون ابن يامين فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يعنون يوسف. قال المفسرون: عوقب يوسف ثلاث مرات، قال للساقي:«اذكرني عند ربك» فلبث في السجن بضع سنين، وقال للعزيز:«ليعلم أني لم أخنه بالغيب» ، فقال له جبريل: ولا حين هممت؟ فقال:«وما أبرّئ نفسي» ، وقال لإِخوته:«إِنكم لسارقون» ، فقالوا:«إِن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل» . وفي ما عنوا بهذه السرقة سبعة أقوال: أحدها: أنه كان يسرق الطعام من مائدة أبيه في سني