للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١١ الى ١١٣]

وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١١١) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢) وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)

قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى. قال ابن عباس:

(٣٧) اختصم يهود المدينة ونصارى نجران عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء، ولا يدخل الجنة إلا من كان يهودياً، وكفروا بالإنجيل وعيسى، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وكفروا بالتوراة وموسى، فقال الله تعالى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ.

واعلم أن الكلام في هذه الآية مجمل ومعناه: قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً.

وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إِلا من كان نصرانياً. والهود، جمع: هائد. تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ، أي: ذاك شيء يتمنونه، وظن يظنونه، هذا معنى قول ابن عباس، ومجاهد. قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ، أي: حجتكم إن كنتم صادقين بأن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً أو نصارى. ثم بين الله تعالى أن ليس كما زعموا، فقال: بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ، وأسلم، بمعنى: أخلص. وفي الوجه قولان:

أحدهما: أنه الدين. والثاني: العمل.

قوله تعالى: وَهُوَ مُحْسِنٌ، أي: في عمله، فَلَهُ أَجْرُهُ، قال الزجاج: يريد: فهو يدخل الجنة. قوله تعالى: وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ، أي: كل منهم يتلو كتابه بتصديق ما كفر به، قاله السدي، وقتادة. كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، وفيهم قولان: أحدهما: أنهم مشركو العرب قالوا لمحمد وأصحابه: لستم على شيء، قاله السدي عن أشياخه. والثاني: أنهم أمم كانوا قبل اليهود والنصارى، كقوم نوح وهود وصالح، قاله عطاء. قوله تعالى: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، قال الزجاج: يريد حكم الفصل بينهم، فيريهم من يدخل الجنة عياناً، ومن يدخل النار عياناً، فأما الحكم بينهم في العقد فقد بينه لهم في الدنيا بما أقام على الصواب من الحجج.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١١٤]]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤)

قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ، اختلفوا فيمن نزلت على قولين: أحدهما: أنها نزلت في الروم، كانوا ظاهروا بختنصر على خراب بيت المقدس من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا، فخرب وطرحت الجيف فيه، قاله ابن عباس في آخرين. والثاني: أنها في المشركين


ضعيف. أخرجه الطبري في «تفسيره» ١٨١٣ وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن أبي محمد.
وانظر «تفسير القرطبي» ٦٢٧ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>