[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤)
قوله تعالى: إِنَّ عِبادِي فيهم أربعة أقوال: أحدها: أنهم المؤمنون. والثاني: المعصومون، رُوِيا عن قتادة. والثالث: المخلِصون، قاله مقاتل. والرابع: المطيعون، قاله ابن جرير. فعلى هذه الأقوال، تكون الآية من العامِّ الذي أريد به الخاصُّ، وفي المراد بالسلطان قولان: أحدهما: أنه الحجة، قاله ابن جرير، فيكون المعنى: ليس لك حجة في إِغوائهم. والثاني: أنه القهر والغلبة إِنما له أن يَغُرَّ ويزيِّن، قاله أبو سليمان الدمشقي. وسئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية، فقال: ليس لك عليهم سلطان أن تلقيَهم في ذَنْب يضيق عفوي عنه.
قوله تعالى: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ يعني: الذين اتَّبعوه.
قوله تعالى: لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ وهي دركاتها بعضها فوق بعض، قال علي عليه السلام: أبواب جهنم ليست كأبوابكم هذه، ولكنها هكذا وهكذا وهكذا بعضها فوق بعض، ووصف الراوي عنه بيده وفتح أصابعه. قال ابن جرير: لها سبعة أبواب، أولها جهنم، ثم لَظى، ثم الحُطَمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية. وقال الضحاك: هي سبعة أدراك بعضها فوق بعض، فأعلاها فيه أهل التوحيد يعذَّبون على قدر ذنوبهم ثم يُخرَجون، والثاني فيه النصارى، والثالث فيه اليهود، والرابع فيه الصّابئون، والخامس فيه المجوس، والسادس فيه مشركو العرب، والسابع فيه المنافقون. قال ابن الأنباري: لما اتصل العذاب بالباب، وكان الباب مِنْ سببه، سمي باسمه للمجاورة، كتسميتهم الحدث غائطاً.
قوله تعالى: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ أي من أتباع إبليس جُزْءٌ مَقْسُومٌ والجزء بعض الشيء.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٤٥ الى ٤٨]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨)
قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) قد شرحنا في سورة (البقرة) معنى التقوى والجنات. فأما العيون، فهي عيون الماء، والخمر، والسلسبيل، والتسنيم، وغير ذلك مما ذُكر أنه من شراب الجنة.
قوله تعالى: ادْخُلُوها بِسَلامٍ المعنى: يقال لهم: ادخلوها بسلام، وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: بسلامة من النار. والثاني: بسلامة من كل آفة. والثالث: بتحية من الله تعالى.
وفي قوله: آمِنِينَ أربعة أقوال: أحدها: آمنين من عذاب الله. والثاني: من الخروج.
والثالث: من الموت. والرابع: من الخوف والمرض.
قوله تعالى: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قد ذكرنا تفسيرها في سورة الأعراف «١» ، فإن المفسرين ذكروا ما هناك هاهنا من تفسير وسبب نزول.
(١) عند الآية: ٤٣.