[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥)
مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي: جزاء كفره وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ أي: يُوَطِّئُون. وقال مجاهد: يسوُّون المضاجع في القبور، قال أبو عبيدة: «مَنْ» تقع على الواحد والاثنين والجمع من المذكَّر والمؤنَّث، ومجازها ها هنا مجاز الجميع، و «يَمْهَد» بمعنى يكتسب ويعمل ويستعدّ.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)
قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ تبشِّر بالمطر وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وهو الغيث والخصب وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ في البحر بتلك الرياح بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا بالتجارة في البحر مِنْ فَضْلِهِ وهو الرزق وكلُّ هذا بالرياح. قوله تعالى: جاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ
أي: بالدّلالات على صدقهم انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا
أي: عذَّبْنا الذين كذَّبوهم كانَ حَقًّا عَلَيْنا
أي: واجباً هو أوجبه على نفسه صْرُ الْمُؤْمِنِينَ
إِنجاؤهم مع الرُّسل من عذاب المكذِّبين.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٤٨ الى ٥٧]
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠) وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢)
وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)
قوله تعالى: يُرْسِلُ الرِّياحَ وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء، والنخعي، وطلحة بن مصرِّف، والأعمش: «يُرْسِلُ الرِّيح» بغير ألف. قوله تعالى: فَتُثِيرُ سَحاباً أي: تُزعجه فَيَبْسُطُهُ الله فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ إِن شاء بسطه مسيرة يوم أو يومين أو أقل أو أكثر وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً أي: قِطعاً متفرِّقة.
والأكثرون فتحوا سين «كِسَفاً» وقرأ أبو رزين، وقتادة، وابن عامر، وأبو جعفر، وابن أبي عبلة: