للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حظّ كل مؤمن من النار، ثم قرأ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها فعلى هذا مَن حُمَّ من المسلمين، فقد وردها.

قوله تعالى: كانَ عَلى رَبِّكَ يعني: الورد حتماً والحتم: ايجاب القضاء، والقطع بالأمر.

والمقضيُّ: الذي قضاه الله تعالى، والمعنى: إِنه حتم ذلك وقضاه على الخلق.

قوله تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وقرأ ابن عباس، وأبو مجلز، وابن يعمر، وابن أبي ليلى، وعاصم الجحدري: «ثَمَّ» بفتح الثاء. وقرأ الكسائي، ويعقوب: «نُنْجي» مخففة. وقرأت عائشة، وأبو بحرية، وأبو الجوزاء الربعي: «ثم يُنجي» بياء مرفوعة قبل النون خفيفة الجيم مكسورة. وقرأ أُبيّ بن كعب، وأبو مجلز، وابن السميفع، وأبو رجاء: «ننحِّي» بحاء غير معجمة مشددة. وهذه الآية يحتج بها القائلون بدخول جميع الخلق، لأن النجاة: تخليص الواقع في الشيء، ويؤكِّده قوله تعالى: وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها ولم يقل: ونُدخلهم وإِنما يقال: نذَر ونترك لمن قد حصل في مكانه. ومن قال: إِن الورود للكفار خاصة، قال: معنى هذا الكلام: نخرج المتَّقين من جملة من يدخل النار. والمراد بالمتقين: الذين اتَّقَوْا الشرك، وبالظالمين: الكفار، وقد سبق معنى قوله عزّ وجلّ: جِثِيًّا.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤)

قوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ يعني: المشركين آياتُنا يعني: القرآن قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني:

مشركي قريش لِلَّذِينَ آمَنُوا أي: لفقراء المؤمنين أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر، وحفص عن عاصم مَقاماً بفتح الميم وقرأ ابن كثير بضم الميم.

قال أبو علي الفارسي: المقام: اسم المثوى، إِن فُتحت الميم أو ضُمَّتْ.

قوله تعالى: وَأَحْسَنُ نَدِيًّا والنديُّ والنادي: مجلس القوم ومجتمَعهم. وقال الفراء: النديُّ والنادي، لغتان. ومعنى الكلام: أنحن خير، أم أنتم؟ فافتخروا عليهم بالمساكن والمجالس، فأجابهم الله تعالى فقال: وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ وقد بينا معنى القرن في الأنعام «١» وشرحنا الأثاث في النّحل «٢» .

فأمّا قوله تعالى: وَرِءْياً فقرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: «ورئياً» بهمزة بين الراء والياء في وزن: «رِعيا» قال الزجاج: ومعناها: منظراً، من «رأيت» . وقرأ نافع، وابن عامر: «رِيّاً» بياء مشددة من غير همز، قال الزجاج: لها تفسيران. أحدهما: أنها بمعنى الأولى.

والثاني: أنها من الرِّيّ، فالمعنى: منظرهم مرتوٍ من النعمة، كأن النعيم بَيِّنٌ فيهم. وقرأ ابن عباس، وأبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وابن أبي سريج عن الكسائي: «زيّاً» بالزاي المعجمة مع تشديد الياء من غير همز. قال الزجاج: ومعناها: حسن هيئتهم.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٥ الى ٧٦]

قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)


(١) سورة الأنعام: ٦.
(٢) سورة النحل: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>