لإسخاط رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فانه إِذا دعا على شخص فدعوتُه موجبة، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم أُمروا أن يقولوا: يا رسول الله، ونُهوا أن يقولوا: يا محمّد، قاله سعيد بن جبير، وعلقمة، والأسود، وعكرمة، ومجاهد. والثالث: أنه نهي لهم عن الإِبطاء إِذا أمرهم والتأخّرِ إِذا دعاهم، حكاه الماوردي.
وقرأ الحسن، وأبو رجاء، وأبو المتوكّل، ومعاذ القارئ:«دعاء الرسولِ نبِيِّكم» بياء مشددة ونون قبل الباء.
قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ التسلل: الخروج في خفية. واللِّواذ: أن يستتر بشيء مخافة مَن يراه. والمُراد بقوله «قد يَعْلَمُ» التهديدُ بالمجازاة. قال الفراء: كان المنافقون يشهدون الجمعة فيذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويعيبهم بالآيات التي أُنزلت فيهم، فإن خفي لأحدهم القيام قام، فذلك قوله: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً أي: يلوذ هذا بهذا، أي: يستتر ذا بذا. وإِنما يقال:
«لواذاً» لأنها مصدر «لاوَذْتُ» ، ولو كان مصدراً ل «لذت» لقلت: لذت لياذا، كما يقال: قُمْتُ قِيَاماً.
وكذلك قال ثعلب: وقع البناء على لاوَذَ مُلاوَذةً، ولو بني على لاذ يَلُوذ، لقيل: لياذاً. وقيل: هذا كان في حفر الخندق، كان المنافقون ينصرفون عن غير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم مختفين. قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ في هاء الكناية قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى الله عزّ وجلّ، قاله مجاهد.
والثاني: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قاله قتادة. وفي «عن» قولان: أحدهما: أنها زائدة، قاله الاخفش.
والثاني: أن معنى «يخالفون» : يُعْرِضون عن أمره. وفي الفتنة ها هنا ثلاثة أقوال: أحدها: الضلالة، قاله ابن عباس. والثاني: بلاء في الدّنيا، قاله قاله مجاهد. والثالث: كفر، قاله السدي، ومقاتل.
قوله تعالى: أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فيه قولان: أحدهما: القتل في الدنيا. والثاني: عذاب جهنم في الآخرة. قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ أي: ما في أنفسكم، وما تنطوي عليه ضمائركم من الإِيمان والنفاق وهذا تنبيه على الجزاء على ذلك. والله أعلم بالصّواب.