للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ أي: خزائن أرضك. وفي المراد بالخزائن قولان:

أحدهما: خزائن الأموال، قاله الضحاك، والزجاج. والثاني: خزائن الطعام فحسب، قاله ابن السائب.

قال الزجاج: وإِنما سأل ذلك لأن الأنبياء بُعثوا بالعدل، فعلم أنه لا أحد أقوَم بذلك منه. وفي قوله تعالى: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ثلاثة أقوال: أحدها: حفيظ لِما ولَّيتني، عليم بالمجاعة متى تكون، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: حفيظ لما استودعتني، عليم بهذه السنين، قاله الحسن. والثالث: حفيظ للحساب، عليم بالألسن، قاله السدي، وذلك أن الناس كانوا يَرِدُون على الملك من كل ناحية فيتكلمون بلغات مختلفة.

واختلفوا، هل وَّلاه الملك يومئذ، أم لا؟ على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه وَّلاه بعد سنة.

(٨١٥) روى الضحاك عن ابن عباس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «رحم الله أخي يوسف، لو لم يقل: اجعلني على خزائن الأرض، لاستعمله من ساعته، ولكنه أَخَّر ذلك سنة» .

(٨١٦) وذكر مقاتل أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «لو أن يوسف قال إِني حفيظ عليم إِن شاء الله، لملك من وقته» .

قال مجاهد: أسلم الملك على يد يوسف. وقال أهل السِّيَر: أقام في بيت الملك سنة، فلما انصرمت دعاه الملك، فتوَّجه، وردَّاه بسيفه، وأمر له بسرير من ذهب، وضرب عليه كِلَّةً من إِستبرق، فجلس على السرير كالقمر، ودانت له الملوك، ولزم الملك بيته وفوَّض أمره إِليه، وعزل قُطَفِير عما كان عليه، وجعل يوسف مكانه، ثم إِن قطفير هلك في تلك الليالي، فزوَّج الملكُ يوسفَ بامرأة قطفير، فلما دخل عليها، قال: أليس هذا خيراً مما تريدين؟ فقالت: أيها الصِّدِّيق لا تلمني، فاني كنت امرأة حسناء في مُلك ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النساء، فغلبتني نفسي، فلما بنى بها يوسف وجدها عذراء، فولدت له ابنين، إفراييم، وميشا، واستوثق له ملك مصر.

والقول الثاني: أنه ملَّكه بعد سنة ونصف، حكاه مقاتل عن ابن عباس.

والثالث: أنه سلَّم إِليه الأمر من وقته، قاله وهب، وابن السائب.

فان قيل: كيف قال يوسف إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ولم يقل: إِن شاء الله؟ فعنه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن ترك الاستثناء أوجب عقوبة بأن أخِّر تمليكُه، على ما ذكرنا عن النبي صلّى الله عليه وسلم.

والثاني: أنه أضمر الاستثناء، كما أضمروه في قولهم: وَنَمِيرُ أَهْلَنا.

والثالث: أنه أراد أن حفظي وعِلمي يزيدان على حفظ غيري وعِلمه، فلم يحتج هذا إِلى الاستثناء، لعدم الشك فيه، ذكر هذه الأقوال ابن الأنباري.


باطل. ذكره الزمخشري في «الكشاف» ٢/ ٤٨٢ وقال ابن حجر في تخريجه: أخرجه الثعلبي من حديث ابن عباس وهو من رواية إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك، وهذا إسناد ساقط. قلت: إسحاق متروك متهم، ومثله جويبر بن سعيد، والضحاك لم يلق ابن عباس، والمتن منكر جدا فهو باطل. وانظر «تفسير القرطبي» ٣٦٨٣، بتخريجنا.
عزاه المصنف لمقاتل، وهو ابن سليمان حيثما أطلق، وهو ممن يضع الحديث ويكذب فهذا خبر باطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>