للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصادِفين لطلوع الشمس. قوله تعالى: فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها قد فسرنا الآية في سورة (هود) «١» ، وفي المتوسِّمين أربعة أقوال: أحدها: أنهم المتفرِّسُون.

(٨٤٨) روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا فِراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» ثمّ


ضعيف. أخرجه الترمذي ٣١٢٧ والبخاري في «تاريخه» ٤/ ١/ ٣٥٤ والطبري ٢١٤٩ والعقيلي ٤/ ١٢٩ وأبو نعيم ١٠/ ٢٨١- ٢٨٢ والخطيب ٧/ ٢٤٢ والطبراني في «الأوسط» ٧٨٣٩ وابن الجوزي في «الموضوعات» ٣/ ١٤٥- ١٤٦ كلهم من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد مرفوعا، وإسناده واه لأجل عطية، فقد ضعفوه، وهو مدلس، وقد عنعن. وضعف الترمذي إسناده بقوله غريب، وحكم ابن الجوزي بوضعه. وله شاهد من حديث ابن عمر، أخرجه الطبري ٢١٢٥١ وأبو نعيم ٤/ ٩٤ وابن الجوزي ٣/ ١٤٥- ١٤٦ وإسناده ساقط، لأجل الفرات بن السائب، ضعفه الجمهور، وقال أبو حاتم: كان كذابا، فلا يفرح بهذا الشاهد. وله شاهد ثان من حديث ثوبان، أخرجه ابن حبان في «المجروحين» ٣/ ٣٣، والطبري ٢١٢٥٥ وأبو الشيخ في «الأمثال» ١٢٨ وفيه سليمان بن سلمة الخبائري، ضعفه النسائي وغيره، وقال ابن الجنيد: كان يكذب، وفيه مؤمل بن سعيد متروك. وله شاهد ثالث من حديث أبي أمامة، أخرجه الخطيب ٥/ ٩٩ والطبراني ٧٤٩٧ وأبو نعيم ٦/ ١١٨ وابن الجوزي ٣/ ١٤٦- ١٤٧ وأعله ابن الجوزي بعبد الله بن صالح، ونقل أحمد قوله ليس بشيء، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات. وله شاهد رابع من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو الشيخ في «الأمثال» ١٢٦ وابن الجوزي ٣/ ١٤٧ وأعله بسليمان بن أرقم، وأنه متروك، واتهمه ابن حبان بالوضع. قال ابن الجوزي: قال الخطيب: فالمحفوظ ما رواه سفيان عن عمرو بن قيس أنه قال: كان يقال:
اتقوا فراسة المؤمن. ثم أسنده الخطيب عن عمرو بن قيس. ووافقه ابن الجوزي، وهو الراجح، والله تعالى أعلم. الخلاصة: هو حديث ضعيف، لا يرقى عن درجة الضعف بسبب شدة ضعف طرقه وشواهده.
- وورد بلفظ آخر عن أنس، أخرجه البزار ٣٦٣٢ والطبري ٢١٢٥٢ والطبراني في «الأوسط» ٢٩٥٦ والقضاعي ١٠٠٥ والواحدي في «الوسيط» ٢٩٥٦ من طرق عن سعيد بن محمد الجرمي ثنا عبد الواحد بن واصل، قال:
ثنا أبو بشر المزلّق عن ثابت البناني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم» .
وإسناده غير قوي، وحسنه الهيثمي في «المجمع» ١٠/ ٢٦٨، وكذا حسنه السخاوي في «المقاصد الحسنة» ٢٣ وكذا الألباني في «الصحيحة» ١٦٩٣ ومما قاله: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات غير أبي بشر واسمه بكر بن الحكم، وثقه أبو عبيدة الحداد وأبو سلمة التبوذكي وسعيد بن محمد الحربي- كذا وقع والصواب الجرمي- وابن حبان، ولم يضعفه أحد غير أن أبا زرعة قال: شيخ ليس بالقوي.
قلت: إسناده إلى الضعف أقرب. فليس في الإسناد علة واحدة. بل فيه أيضا عبد الواحد بن واصل، فهو وإن وثقه غير واحد، فقد قال الإمام أحمد: لم يكن صاحب حفظ، كان كتابه صحيحا اه. وما الذي يدرينا هل روى هذا الحديث من كتابه أو من حفظه؟ والذي يترجح عندي أنه رواه من حفظه، والدليل على ذلك هو أنه لم يرو في شيء من الكتاب الستة والمسانيد المشهورة. ولقد ضعفه أحمد فيما نقله الأزدي عن عبد الله بن أحمد، وقال الأزدي: ما أقرب ما قال أحمد، لأن له أحاديث غير مرضية عن شعبة وغيره. راجع «التهذيب» ٦/ ٣٩٥. وقال الحافظ في ترجمة أبي بشر المزلّق: صدوق فيه لين. وقال الذهبي في «الميزان» ١/ ٣٤٤: صدوق، وقال أبو زرعة: ليس بالقوي. وقال التبوذكي: ثقة. قلت: روى خبرا منكر- قاله أبو حاتم- عن ثابت عن أنس فذكر هذا الحديث. واعترض الألباني على الذهبي بقوله: وقول الذهبي: روى خبرا منكرا ... ثم ذكره. غير مقبول منه، إلا أن يعني أنه تفرد به. قلت: وهذا وهم من العلامة الألباني، فإن الذي حكم بنكارة هذا الحديث إنما هو أبو حاتم كما هو واضح في السياق الذي ذكرته. والذهبي وافقه فحسب. والذي أوزع به هو ما ذهب إليه أبو حاتم وكذا الذهبي من أنه خبر منكر. ولعل الراجح وقفه على أنس، وهو أقرب، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>