للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنباري: استثنى السلام من غير جنسه، وفي ذلك توكيد للمعنى المقصود، لأنهم إِذا لم يسمعوا من اللغو إِلا السلام، فليس يسمعون لغواً البتَّة، وكذلك قوله: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ «١» . إِذا لم يخرج من عداوتهم لي غير رب العالمين، فكلُّهم عدو. وفي معنى هذا السلام قولان: أحدهما: أنه تسليم الملائكة عليهم، قاله مقاتل. والثاني: أنهم لا يسمعون إِلا ما يسلِّمهم، ولا يسمعون ما يؤثمهم، قاله الزجاج.

قوله تعالى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا قال المفسرون: ليس في الجنة بُكْرة ولا عشيَّة، ولكنَّهم يُؤتَوْن برزقهم- على مقدار ما كانوا يعرفون- في الغداة والعشي. قال الحسن: كانت العرب لا تعرف شيئاً من العيش أفضل من الغداة والعشاء، فذكر الله لهم ذلك. وقال قتادة: كانت العرب إِذا أصاب أحدُهم الغداءَ والعشاء أُعجب به، فأخبر الله أن لهم في الجنة رزقهم بكرة وعشيّاً على قدر ذلك الوقت، وليس ثَمَّ ليل ولا نهار، وإِنما هو ضوء ونُور. وروى الوليد بن مسلم، قال: سألت زهير بن محمد عن قوله تعالى: بُكْرَةً وَعَشِيًّا فقال: ليس في الجنة ليل ولا نهار، هم في نور أبداً، ولهم مقدار الليل والنهار، يعرفون مقدار الليل بارخاء الحُجُب وإِغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.

قوله تعالى: تِلْكَ الْجَنَّةُ الإِشارة إِلى قوله: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.

قوله تعالى: نُورِثُ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والشعبي، وقتادة، وابن أبي عبلة: بفتح الواو وتشديد الراء. قال المفسرون: ومعنى «نورث» : نعطي المساكن التي كانت لأهل النار- لو آمنوا- للمؤمنين. ويجوز أن يكون معنى «نورث» : نعطي، فيكون كالميراث لهم من جهة أنها تمليك مستأنف. وقد شرحنا هذا في سورة الأعراف «٢» .

قوله تعالى: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر: «وما يَتنزَّل» بياء مفتوحة.

وفي سبب نزولها ثلاثة أقوال:

(٩٦٢) أحدها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا» ، فنزلت هذه الآية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.

(٩٦٣) والثاني: أن الملَك أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم أتاه، فقال: لعلِّي أبطأتُ، قال: «قد فعلتَ» ، قال: وما لي لا أفعل، وأنتم لا تتسوَّكون، ولا تقصُّون أظفاركم، ولا تُنَقُّون براجمكم، فنزلت الآية، قاله مجاهد. قال ابن الأنباري: البراجم عند العرب: الفصوص التي في ظهور الأصابع، تبدو إِذا جُمعت، وتغمض إِذا بُسطت. والرواجب: ما بين البراجم، بين كل برجمتين راجبة.


صحيح. أخرجه البخاري ٣٢١٨ و ٤٧٣١ و ٧٤٥٥ والترمذي ٣١٥٨ والطبري ٢٣٨٠٥ والواحدي في «الوسيط» ٣/ ١٨٩ و «أسباب النزول» ٦٠٦ من طرق عن ابن عباس.
ضعيف جدا. ذكره الواحدي ٦٠٧ عن مجاهد مرسلا. وبدون إسناد! ومع ذلك هو منكر، يخالف ما رواه البخاري وغيره وقد تقدم. وانظر «تفسير القرطبي» ٤٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>