للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِثبات الألف في قوله: «هاذان» فروى عطاء عن ابن عباس أنه قال: هي لغة بلحارث بن كعب وقال ابن الأنباري: هي لغة لنبي الحارث بن كعب، وافقتها لغة قريش. قال الزجاج: وحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب، وهو رأس من رؤوس الرواة: أنها لغة لكنانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، يقولون: أتاني الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، وأنشدوا:

فأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجاعِ وَلَوْ رَأىَ ... مَسَاغاً لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا»

ويقول هؤلاء: ضربته بين أُذناه وقال النحويون القدماء: ها هنا هاء مضمرة، المعنى: إِنه هذان لساحران. وقالوا أيضاً: إِن معنى «إِنَّ» : نعم «هذان لساحران» ، وينشدون:

ويقلن شيب قد علاك ... وقد كَبِرتَ فقلتُ إِنَّهْ «٢»

قال الزجاج: والذي عندي، وكنتُ عرضتُه على عالمنا محمد بن يزيد، وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد، فقبلاه، وذكرا أنه أجود ما سمعناه في هذا، وهو أن «إِنَّ» قد وقعت موقع «نعم» ، والمعنى: نعم هذان لهما الساحران، ويلي هذا في الجودة مذهب بني كنانة. وأستحسن هذه القراءة، لأنها مذهب أكثر القراء، وبها يُقرأ. وأستحسن قراءة عاصم، والخليل، لأنهما إِمامان، ولأنهما وافقا أُبَيَّ بن كعب في المعنى. ولا أجيز قراءة أبي عمرو لخلاف المصحف. وحكى ابن الأنباري عن الفراء قال: «ألف» «هذان» هي ألف «هذا» والنون فرَّقتْ بين الواحد والتثنية، كما فرقت نون «الذين» بين الواحد والجمع.

قوله تعالى: وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ وقرأ أبان عن عاصم: «ويُذهِبا» بضم الياء وكسر الهاء. وقرأ ابن مسعود، وأُبَيُّ بن كعب، وعبد الله بن عمرو، وأبو رجاء العطاردي: «ويذهبا بالطريقة» بألف ولام، مع حذف الكاف والميم. وفي الطريقة قولان: أحدهما: بدينكم المستقيم، رواه الضحاك عن ابن عباس.

وقال أبو عبيدة: بسُنَّتِكم ودِينِكم وما أنتم عليه، يقال: فلان حسن الطريقة. والثاني: بأمثلكم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال مجاهد: بأُولي العقل، والأشراف، والأسنان. وقال الشعبي: يصرفان وجوه الناس إِليهما. قال الفراء: الطريقة: الرجال الأشراف، تقول العرب للقوم الأشراف: هؤلاء طريقة قومهم، وطرائق قومهم.

فأما «المثلى» فقال أبو عبيدة: هي تأنيث الأمثل. تقول في الإناث: خذ المثلى منها، وفي الذكور: خذ الأمثل. وقال الزجاج: ومعنى المثلى والأمثل: ذو الفضل الذي به يستحق أن يقال هذا أمثل قومه قال: والذي عندي أن في الكلام محذوفاً، والمعنى: يذهبا بأهل طريقتكم المثلى، وقول العرب: هذا طريقة قومه، أي: صاحب طريقتهم.

قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ قرأ الأكثرون: «فأجمِعوا» بقطع الألف من «أجمعت» . والمعنى:

ليكن عزمكم مجمعاً عليه، لا تختلفوا فيختلَّ أمرُكم. قال الفراء: والإِجماع: الإِحكام والعزيمة على


(١) البيت للمتلمس. وهو في «اللسان» - صمم-. والشجاع: ضرب من الحيات، وقيل الحية الذكر. والمساغ:
المدخل، وفي حديث أبي أيوب: إذا شئت فاركب ثم سغ في الأرض ما وجدت مساغا. [.....]
(٢) البيت لعبد الله بن قيس الرقيات، وهو في «اللسان» - أنن-.
أي: إنّه كما تقلن.

<<  <  ج: ص:  >  >>