للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٩٩٥) وقوله: «بل أنا وا رأساه» .

قوله تعالى: وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ يعني: أولاده وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ فيه أربعة أقوال:

أحدها: أن الله تعالى أحيا له أهله بأعيانهم، وآتاه مثلهم معهم في الدنيا، قاله ابن مسعود، والحسن، وقتادة. وروى أبو صالح عن ابن عباس: كانت امرأته ولدت له سبعة بنين وسبع بنات، فنُشِروا له، وولدت له امرأته سبعة بنين وسبع بنات. والثاني: أنهم كانوا قد غُيِّبوا عنه ولم يموتوا، فآتاه إِياهم في الدنيا ومثلهم معهم في الآخرة، رواه هشام عن الحسن. والثالث: آتاه الله أجور أهله في الآخرة، وآتاه مثلهم في الدنيا، قاله نوف، ومجاهد. والرابع: آتاه أهله ومثلهم معهم في الآخرة، حكاه الزجاج.

قوله تعالى: رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا أي: فعلنا ذلك به رحمةً مِنْ عندنا، وَذِكْرى أي: عِظةً لِلْعابِدِينَ قال محمد بن كعب: من أصابه بلاء فليذكر ما أصاب أيوب، فليقل: إِنه قد أصاب من هو خيرٌ مني.

قوله تعالى: وَذَا الْكِفْلِ اختلفوا هل كان نبيّاً، أم لا؟ على قولين «١» : أحدهما: أنه لم يكن نبيّاً، ولكنه كان عبداً صالحاً، قاله أبو موسى الأشعري، ومجاهد. ثم اختلف أرباب هذا القول في علَّه تسميته بذي الكفل على ثلاثة أقوال: أحدها: أن رجلاً كان يصلِّي كلَّ يوم مائة صلاة فتوفي، فكفل بصلاته، فسمِّي: ذا الكفل، قاله أبو موسى الأشعري. والثاني: أنه تكفل للنبيّ بقومه أن يكفيه أمرهم ويقيمه ويقضي بينهم بالعدل ففعل، فسمِّي: ذا الكفل، قاله مجاهد. والثالث: أن ملِكاً قَتل في يوم ثلاثمائة نبيٍّ، وفرَّ منه مائة نبيٍّ، فكفلهم ذو الكفل يطعمهم ويسقيهم حتى أُفلتوا، فسمِّي ذا الكفل، قاله ابن السائب. والقول الثاني: أنه كان نبيّاً، قاله الحسن، وعطاء. قال عطاء: أوحى الله تعالى إِلى نبيّ من الأنبياء: إِني أُريد قبض روحك، فاعرض مُلكك على بني إِسرائيل، فمن تكفَّل لك بأنه يصلِّي الليل


صحيح. أخرجه البخاري ٥٦٦٦ والبيهقي في «الدلائل» ٧/ ١٦٨ من حديث عائشة. وأخرجه ابن ماجة ١٤٦٥ وأحمد ٦/ ٢٢٨ وعبد الرزاق ٩٧٥٤ وابن حبان ٦٥٨٦ والبيهقي ٣/ ٣٩٦ وفي «الدلائل» ٧/ ١٦٨ من وجه آخر من حديث عائشة أيضا. وقال البوصيري في «الزوائد» إسناده رجال ثقات.
وتمامه في البخاري: قال القاسم بن محمد: قالت عائشة وا رأساه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك» فقالت عائشة: وا ثكلاه والله إني لأظنك تحبّ موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرّسا ببعض أزواجك فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «أنا وا رأساه لقد هممت- أو أردت- أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد أن يقول القائلون، أو يتمنّى المتمنّون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون- أو يدفع الله ويأبى المؤمنون-» .

<<  <  ج: ص:  >  >>