للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


أيضا، وأبو معشر اسمه نجيح ضعفه النسائي والدارقطني، وقال البخاري: منكر الحديث، وضعفه يحيى بن سعيد جدا. وورد من مرسل أبي العالية، أخرجه الطبري ٢٥٣٣٠. وورد من مرسل سعيد بن جبير، أخرجه الطبري ٢٥٣٣١ و ٢٥٣٣٢. وورد من مرسل الضحاك، أخرجه الطبري ٢٥٣٣٤. وورد من مرسل عروة بن الزبير، أخرجه الطبراني ٥٠٧٨، ومع إرساله فيه ابن لهيعة.
قال الهيثمي في «المجمع» ١١١٨٦: فيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة اه. أي لنكارة المتن الذي ساقه، فإن فيه رجوع بعض من هاجر إلى الحبشة إلى المدينة بسبب هذا الخبر.
- وورد عن ابن عباس من طرق ثلاث: الأول: أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبى صالح عنه.
وهذا إسناد ساقط مصنوع، فقد روى الكلبي وأبو صالح عن ابن عباس تفسيرا موضوعا، وقد أقرّا بالوضع والكذب على ابن عباس. الثاني: أخرجه الطبري ٢٥٣٣٣ بسند فيه مجاهيل عن عطية العوفي، وهو ضعيف عن ابن عباس، فهذا إسناد ساقط لا يفرح به. الثالث: أخرجه البزار ٢٢٦٣ «كشف» والضياء في «المختارة» ١- ٢/ ١٢٠ والطبراني ١٢٤٥٠ وفيه أمية بن خالد، وهو وإن وثقه غير واحد، فقد نقل الذهبي في «الميزان» ١٠٢٩ عن أحمد أنه لم يحمده، وذكره العقيلي في «الضعفاء» اه. وقد روى هذا الحديث غير واحد عن ابن جبير ليس فيه ذكر ابن عباس، وللحديث علة أخرى، وهي ما قاله البزار حيث قال عقبه: لا نعلمه يروى بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد، وأمية بن خالد ثقة مشهور، وإنما يعرف هذا من حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس اه. والكلبي متروك متهم، وأبو صالح ساقط، ولم يدرك ابن عباس، فلم يصح هذا الطريق عن ابن عباس أيضا، وعامة روايات هذا الخبر مراسيل لا يحتج بها، والظاهر أن بعضهم أخذه من بعض لغرابته، فحدثوا به واشتهر، وهو خبر باطل مصنوع، ولو صح لرواه واحد من أصحاب الكتب المعتبرة، والمسانيد المشتهرة، ولكن كل ذلك لم يكن وقد اضطربوا في ألفاظه اضطرابا كبيرا، وزادوا فيه ونقصوا، وكل ذلك دليل على بطلانه.
وقد ذهب الحافظ ابن حجر في تخريج «الكشاف» ٣/ ١٦٤- ١٦٥ إلى تقوية هذا الحديث، وكذا السيوطي في «الدر» ٤/ ٦٦١، وليس كما قالا، وقد خالفهما أئمة ثقات أثبات في ذلك. وإليك بيانه: قال الإمام أبو حيان في «البحر» ٦/ ٣٥٢: سئل ابن إسحاق- جامع السيرة النبوية- عن هذه القصة، فقال: هذا من وضع الزنادقة، وصنف في ذلك كتابا.
وقال الإمام البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، ورواتها مطعون عليهم، وليس في الصحاح ولا التصانيف الحديثية شيء مما ذكروه، فوجب اطّراحه، ولذا نزهت كتابي عن ذكره فيه. اه ملخصا.
وقال الحافظ ابن كثير ٣/ ٢٨٨: وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغرانيق، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح.
وقال العلامة الآلوسي في «روح البيان» ١٧/ ١٨٢ ما ملخصه: قال أبو منصور الماتريدي: هذا الخبر من إيحاء الشيطان إلى أوليائه الزنادقة، والرسالة بريئة من هذه الرواية.
وقال القاضي عياض: يكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواة ثقة يسند سليم متصل.
وقال العلامة الآلوسي: ويكفي في ردها قول الله تعالى في وصف القرآن لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ اه.
وقال الإمام الشوكاني في «فتح القدير» ٣/ ٥٤٦: قال إمام الأئمة ابن خزيمة: إن هذه القصة من وضع الزنادقة.
وقال القاضي عياض في «الشفا» : إن الأمة أجمعت فيما طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه، لا قصدا ولا عمدا ولا سهوا ولا غلطا.
وقد جمع الألباني رسالة في ذلك وسماها «نصب المجانيق في نسف قصة الغرانيق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>