للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسكان التاء فيهما. وفي «هيهات» عشر لغات قد ذكرنا منها سبعة عن القراء، والثامنة: «إِيهات» ، والتاسعة: «إِيهان» بالنون، والعاشرة: «إِيها» بغير نون، ذكرهن ابن القاسم وأنشد الأحوص في الجمع بين لغتين منهن:

تذكَّرُ أياماً مَضَيْن من الصِّبا ... وهيهاتِ هيهاتاً إِليك رجوعُها

قال الزجاج: فأما الفتح، فالوقف فيه بالهاء، تقول: «هيهاه» إِذا فتحت ووقفت بعد الفتح، فإذا كسرتَ ووقفتَ على التاء كنتَ ممن ينوِّن في الوصل، أو كنتَ ممن لا ينوِّن. وتأويل «هيهات» : البُعد لِما توعَدون. وإِذا قلتَ: «هيهات ما قلت» فمعناه: بعيد ما قلت. وإِذا قلتَ: «هيهات لما قلت» ، فمعناه: البعد لِما قلت. ويقال: «أيهات» في معنى «هيهات» ، وأنشدوا:

وأيهاتَ أيهاتَ العقِيقُ ومَنْ بهِ ... وأيهاتَ وصلٌ بالعقيقِ نُواصله

قال أبو عمرو بن العلاء: إِذا وقفت على «هيهات» فقل: «هيهاه» وقال الفراء: الكسائي يختار الوقف بالهاء، وأنا اختار التاء.

قوله تعالى: لِما تُوعَدُونَ قرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة: «ما تُوعَدُون» بغير لام. قال المفسرون: استبعد القومُ بعثهم بعد الموت إِغفالاً منهم للتفكُّر في بدوِّ أمرهم وقُدرة الله على إِيجادهم، وأرادوا بهذا الاستبعاد أنه لا يكون أبداً، إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا يعنون: ما الحياة إِلا ما نحن فيه، وليس بعد الموت حياة. فإن قيل: كيف قالوا: نَمُوتُ وَنَحْيا وهم لا يقرُّون بالبعث؟ فعنه ثلاثة أجوبة ذكرها الزجاج: أحدها: نموت ويحيا أولادنا، فكأنهم قالوا: يموت قوم ويحيا قوم. والثاني: نحيا ونموت، لأن الواو للجمع، لا للترتيب. والثالث: أبتداؤنا موات في أصل الخلقة، ثم نحيا، ثم نموت.

قوله تعالى: إِنْ هُوَ يعنون الرسول. وقد سبق تفسير ما بعد هذا «١» إِلى قوله: قالَ عَمَّا قَلِيلٍ قال الزجاج: معناه: عن قليل، و «ما» زائدة بمعنى التوكيد.

قوله تعالى: لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ أي: على كفرهم، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ أي: باستحقاقهم العذاب بكفرهم. قال المفسرون: صاح بهم جبريل صيحة رجفت لها الأرض من تحتهم، فصاروا لشدَّتها غُثاءً. قال أبو عبيدة: الغُثاء: ما أشبه الزَّبد وما ارتفع على السيل ونحو ذلك مما لا يُنتفَع به في شيء. وقال ابن قتيبة: المعنى: فجعلناهم هَلْكَى كالغُثاء، وهو ما علا السَّيل من الزَّبد والقَمش «٢» ، لأنه يذهب ويتفرَّق. وقال الزجاج: الغُثاء: الهالك والبالي من ورق الشجر الذي إِذا جرى السَّيل رأيته مخالطاً زَبَده. وما بعد هذا قد سبق شرحه «٣» إلى قوله تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: «تترىً كلَّما» منونة والوقف بالألف. وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: بلا تنوين، والوقف عند نافع وابن عامر، بألف. وروى هبيرة، وحفص عن عاصم، أنه


(١) سورة هود: ٧، والنحل: ٣٨.
(٢) في «اللسان» القمش: الرديء من كل شيء، والجمع قماش: وهو ما كان على وجه الأرض من فتات الأشياء حتى يقال لرذالة الناس: قماش. وقماش كل شيء: فتاته.
(٣) سورة الحجر: ٥. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>