للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُؤْمِناتُ وهي: حمنة بنت جحش بِأَنْفُسِهِمْ وفيها ثلاثة أقوال: أحدها: بأمهاتهم. والثاني:

بأخواتهم. والثالث: بأهل دينهم، لان المؤمنين كنفس واحدة، وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ أي: كذب بيِّن. وجاء في التفسير أن أبا أيوب الأنصاري قالت له أمه:

(١٠٢٩) ألا تسمع ما يقول الناس في أمر عائشة؟! فقال: هذا إفك مبين، أكنت يا أمّاه فاعلته؟

فقالت: معاذ الله، قال: فعائشة والله خير منك فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى: لَوْلا جاؤُ أي: هلا جاءت العصبة الكاذبة على قذفهم عائشة بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري: «بأربعة» منونة والمعنى: يشهدون بأنهم عاينوا ما رموها به فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ أي: في حكمه هُمُ الْكاذِبُونَ. ثم ذكر القاذفين فقال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ أي: لولا ما منَّ الله به عليكم، لَمَسَّكُمْ أي: لأصابكم فِيما أَفَضْتُمْ أي: أخذتم وخضتم فِيهِ من الكذب والقذف عَذابٌ عَظِيمٌ في الدنيا والآخرة. ثم ذكر الوقت الذي لولا فضله لأصابهم فيه العذاب فقال إِذْ تَلَقَّوْنَهُ وكان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول: بلغني كذا، فيتلقاه بعضهم من بعض. وقرأ عمر بن الخطاب: «إذ تُلْقونه» بتاء واحدة خفيفة مرفوعة وإسكان اللام وقاف منقوطة بنقطتين مرفوعة خفيفة وقرأ معاوية، وابن السميفع مثله، إلا أنهما فتحا التاء والقاف. وقرأ ابن مسعود: «تَتَلَقَّونه» بتاءين مفتوحتين مع نصب اللام وتشديد القاف. وقرأ أبي بن كعب، وعائشة، ومجاهد، وأبو حيوة: «تَلِقُونه» بتاء واحدة خفيفة مفتوحة وكسر اللام ورفع القاف. وقال الزجاج:

«تُلْقونه» : يلقيه بعضكم إلى بعض وتلقونه معناه: إذ تسرعون بالكذب، يقال: قد ولق يلق: إذا أسرع في الكذب وغيره، قال الشاعر:

جاءَتْ به عَنْسٌ من الشَّامْ تلق

أي: تسرع. وقال ابن قتيبة: «تَلَقَّوْنَهُ» أي: تقبلونه، ومن قرأ: «تَلِقونَهُ» أخذه من الولق، وهو الكذب.

قوله تعالى: وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ أي: من غير أن تعلموا أنه حق وَتَحْسَبُونَهُ يعني: ذلك القذف هَيِّناً أي: سهلا لا إثم فيه وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ في الوزر. ثم زاد عليهم في الإنكار فقال: وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أي: ما يحل وما ينبغي لنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ وهو يحتمل التنزيه والتعجب. وروت عائشة أن امرأة أبي أيوب الأنصاري قالت له: ألم تسمع ما يتحدث الناس؟! فقال: «ما يكونُ لنا ان نَتَكَلَم بهذا ... » الآية، فنزلت الآية، وقد روينا آنفا أن أمه ذكرت له ذلك، فنزلت الآية المتقدمة، وروي عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ذلك قال سبحانك هذا بهتان عظيم، فقيل للناس: هلا قلتم كما قال سعد؟! قوله تعالى: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أي: ينهاكم الله أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أي: إلى مثله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ


أخرجه الطبري ٢٥٨٥٩ من طريق محمد بن إسحاق به، عن بعض رجال بني النجار، فهذا إسناد ضعيف.
وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٦٣٦ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها حدثته بحديث الإفك وقالت فيه: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته ... وذكر الحديث وفي إسناده عطاء الخراساني، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>