(١٠٣٧) قال المفسرون: نزلت في رجل من المنافقين يقال له: بشر كان بينه وبين يهوديّ حكومة، فدعا اليهوديّ المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليحكم بينهما، فقال المنافق لليهودي: إِن محمداً يَحِيف علينا، ولكن بيني وبينك كعب بن الأشرف، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ يعني المنافقين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أي: من بعد قولهم: آمَنَّا وَما أُولئِكَ يعني المُعْرِضين عن حُكم الله ورسوله بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ أي: إِلى كتابه وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ الرسول إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ومعنى الكلام: أنهم كانوا يُعْرِضُون عن حكم الرسول عليهم، لعِلمهم أنَّه يحكُم بالحق وإِن كان الحق لهم على غيرهم، أسرعوا إِلى حكمه مذعنين، لثقتهم أنه يحكم لهم بالحق. قال الزجاج: والإِذعان في اللغة: الإِسراع مع الطاعة، تقول: قد أذعن لي، أي:
قد طاوعني لِما كنتُ ألتمسه منه. قوله تعالى: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي: كفر أَمِ ارْتابُوا أي: شكُّوا في القرآن؟ وهذا استفهام ذمّ وتوبيخ، والمعنى: إِنهم كذلك، وإِنما ذكره بلفظ الاستفهام ليكون أبلغ في ذمِّهم، كما قال جرير في المدح:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ من ركب المطايا «١» أي: أنتم كذلك. فأما الحَيْف، فهو: المَيْل في الحكم يقال: حاف في قضيَّته، أي: جار بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أي: لا يَظْلِمُ اللهُ ورسولُه أحداً، بل هم الظالمون لأنفسهم بالكفر والإِعراض عن حُكم الرسول.
ثم نعت المؤمنين، فقال: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ قال الفراء: ليس هذا بخبرٍ ماضٍ، وإِنما المعنى: إِنما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين إِذا دعوا أن يقولوا سمعنا. وقرأ الحسن، وأبو الجوزاء:
«إِنما كان قولُ المؤمنين» بضم اللام. وقرأ أبو جعفر، وعاصم الجحدري، وابن أبي عبلة:«ليحكم بينهم» برفع الياء وفتح الكاف. قال المفسّرون: والمعنى: سمعنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأطعنا أمره، وإِن كان ذلك فيما يكرهونه. قوله تعالى: وَيَخْشَ اللَّهَ أي: فيما مضى من ذنوبه وَيَتَّقْهِ فيما بعدُ أن يعصيه. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وورش عن نافع:«ويتّقهي» موصولة بياء. وروى قالون
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٤٥ بدون إسناد، وتقدم في سورة النساء عند الآية: ٦٧ باستيفاء.