عاصم بفتحها، وقرأ ابن مسعود:«فتمكَّث» بزيادة تاء والمعنى: لم يلبث إِلا يسيراً حتى جاء، فقال سليمان: ما الذي أبطأ بك؟ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ أي: علمتُ شيئاً من جميع جهاته مما لم تعلم به وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو:«سَبَأَ» نصباً غير مصروف، وقرأ الباقون خفضاً منوَّناً «١» .
(١٠٦٧) وجاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم «أن سبأ رجل من العرب» . وقال قتادة: هي أرض باليمن يقال لها: مأرب. وقال أبو الحسن الأخفش: إِن شئتَ صرفت «سبأ» فجعلته اسم أبيهم، أو اسم الحيِّ، وإِن شئت لم تصرف فجعلته اسم القبيلة، أو اسم الأرض. قال الزجاج: وقد ذكر قوم من النحويين أنه اسم رجل. وقال آخرون: الاسم إِذا لم يُدْرَ ما هو لم يُصرف وكلا القولين خطأٌ، لأن الأسماء حقُّها الصَّرف، وإِذا لم يُعلم هل الاسم للمذكَّر أم للمؤنَّث، فحقُّه الصَّرف حتى يُعلم أنَّه لا ينصرف، لأن أصل الأسماء الصرف. وقول الذين قالوا: هو اسم رجل، غلط، لأن سبأ هي مدينة تُعرف بمأرب من اليمن، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام، فمن لم يصرفه جعله اسم مدينة، ومن صرفه فلأنَّه اسم البلد، فيكون مذكَّراً سمي بمذكَّر.
قوله تعالى: بِنَبَإٍ يَقِينٍ أي: بخبر صادق، إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ يعني بلقيس وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قال الزجاج: معناه: من كل شيء يُعطاه الملوك ويؤتاه الناس. والعرش: سرير الملك.
قال قتادة: كان عرشها من ذهب، قوائمه من جوهر مكلَّل باللؤلؤ، وكان أحد أبويها من الجنّ، وكان
صحيح. أخرجه الترمذي ٣٢٢٢ وابن سعد في «الطبقات» ١/ ٣٨ والطبري ٢٨٧٨٣ من طرق عن أبي أسامة عن الحسن بن الحكم ثنا أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك به. وإسناده لين، لأجل أبي سبرة، فإنه مقبول، وباقي الإسناد ثقات. وقال الترمذي. حسن غريب. وورد من وجه آخر. أخرجه البخاري في «التاريخ» ٧/ ١٢٦/ ٥٦٨ والحاكم ٢/ ٤٢٤ من طريق الحميدي عن فرج بن سعيد حدثني عمي ثابت بن سعيد عن أبيه عن فروة به. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد، لأجل ثابت بن سعيد بن أبيض، فإنه مقبول هو وأبوه. وباقي الإسناد ثقات. وسكت عليه الحاكم، وصححه الذهبي، وورد من وجه آخر. أخرجه الطبري ٢٨٦٨٢ من طريق أبي حيان عن يحيى بن هانئ عن عروة المرادي عن فروة به. وإسناده ضعيف، فيه مجاهيل، وورد من وجه آخر. أخرجه الطبري ٢٨٧٨٤ من طريق أسباط بن نصر عن يحيى بن هانئ المرادي عن أبيه أو عن عمه- شك أسباط- قال: قدم فروة، فهذا مرسل. وفيه من لم يسم فهو ضعيف. وله شاهد من حديث يزيد بن حصين، أخرجه الطبراني ٢٢/ ٢٤٥. وقال الهيثمي في «المجمع» ٧/ ٩٤/ ١١٢٨٧: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني علي بن الحسن الصائغ، ولم أعرفه. قلت: ذكره الخطيب في «التاريخ» ١١/ ٣٧٦ من غير جرح أو تعديل، وبكل حال يصلح شاهدا لما قبله، ويشهد له حديث ابن عباس، أخرجه الحاكم ٢/ ٤٢٣ وصححه، ووافقه الذهبي. الخلاصة: هو حديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده، وقال ابن كثير في «التفسير» ٣/ ٥٣٨: إسناده حسن قوي. وانظر «تفسير القرطبي» ١١٢ و «تفسير الشوكاني» ٢٠٤٩ وكلاهما بتخريجي.