إذا دخل في الصوم ثم وجد هديا فأحبّ إليّ أن يهدي، فإن لم يفعل أجزأه الصيام. وقال الشافعي: يمضي في صومه وهو فرضه، وكذلك قال أبو ثور وهو قول الحسن وقتادة، واختاره ابن المنذر. وقال أبو حنيفة: إذا أيسر في اليوم الثالث من صومه بطل صومه ووجب عليه الهدي وإن صام ثلاثة أيام في الحج ثم أيسر كان له أن يصوم السبعة الأيام لا يرجع إلى الهدي، وبه قال الثوري وابن أبي نجيح وحماد. (٢) قال القرطبي رحمه الله ٢/ ٣٩٨: قوله تعالى: إِذا رَجَعْتُمْ يعني إلى بلادكم، قاله ابن عمر وقتادة والربيع ومجاهد وعطاء، وقاله مالك في كتاب محمد، وبه قال الشافعي. قال قتادة والربيع: هذه رخصة من الله تعالى، فلا يجب على أحد صوم السبعة إلّا إذا وصل وطنه، إلّا أن يتشدّد أحد، كما يفعل من يصوم في السفر في رمضان وقال أحمد وإسحاق: يجزيه الصوم في الطريق، وروي عن مجاهد وعطاء. قال مجاهد: إن شاء صامها في الطريق، إنما هي رخصة، وكذلك قال عكرمة والحسن وقال مالك في الكتاب: إذا رجع من منى فلا بأس أن يصوم قال ابن العربي: «إن كان تخفيفا ورخصة فيجوز تقديم الرّخص وترك الرفق فيها إلى العزيمة إجماعا. وإن كان ذلك توقيتا فليس فيه نص، ولا ظاهر أنه أراد البلاد، وأنها المراد في الأغلب» . قلت: بل فيه ظاهر يقرب إلى النص يبينه ما رواه مسلم عن ابن عمر قال: تمتاع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع بعمرة إلى الحج وأهدى، فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وتمتاع الناس مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة قال للناس: (من كان منكم أهدى فإنه لا يحلّ من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصّر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله) ، الحديث. وهذا كالنص في أنه لا يجوز صوم السبعة الأيام إلّا في أهله وبلده والله أعلم.