قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ قال مقاتل: أخلص دينك الإِسلام لِلدِّينِ أي: للتوحيد. وقال أبو سليمان الدمشقي: استقم بدينك نحو الجهة التي وجّهك الله تعالى إِليها. وقال غيره: سدِّد عملك.
والوجه: ما يُتَوجَّه إِليه، وعمل الإِنسان ودينه: ما يتوجَّه إِليه لتسديده وإِقامته.
قوله تعالى: حَنِيفاً قال الزجاج: الحنيف: الذي يميل إِلى الشيء ولا يرجع عنه، كالحَنَف في الرِّجل، وهو ميلها إِلى خارجها خِلْقة، لا يقدر الأحنف أن يردّ حنفه، وقوله: فِطْرَتَ اللَّهِ منصوب، بمعنى: اتَّبِع فطرةَ الله، لأن معنى «فأقم وجهك» : اتَّبِع الدِّين القيِّم، واتَّبع فطرة الله تعالى، أي: دين الله تعالى والفطرة: الخلقة التي خلق عليها البشر.
(١٠٩٩) وكذلك قوله عليه السلام: «كل مولود يولد على الفطرة» !، أي: على الإِيمان بالله تعالى. وقال مجاهد في قوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها قال: الإِسلام، وكذلك قال قتادة. والذي أشار إِليه الزجاج أصح، وإِليه ذهب ابن قتيبة، فقال: فرقُ ما بيننا وبين أهل القَدَر في هذا الحديث، أن الفطرة عندهم: الإِسلام، والفطرة عندنا: الإقرار بالله عز وجل والمعرفة به، لا الإِسلام، ومعنى الفطرة: ابتداء الخلقة، فالكلّ أقرّوا حين قوله تعالى: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «١» ، ولستَ واجداً أحداً إِلا وهو مُقِرّ بأنَّ له صانعاً ومدبِّراً وإِن عبد شيئاً دونه وسمَّاه بغير اسمه فمعنى الحديث: إِن كل مولود في العالَم على ذلك العهد وذلك الإِقرار الأول، وهو الفطرة، ثم يهوِّد اليهودُ أبناءهم، أي:
صحيح. أخرجه مسلم ٢٦٥٨ وأحمد ٢/ ٢٧٥ وابن حبان ١٣٠ من طرق عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به. وهو في «مصنف عبد الرزاق» برقم ٢٠٠٨٧. وأخرجه مسلم ٢٦٥٨ وأحمد ٢/ ٢٣٣ من طريقين عن الزهري به. وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٣/ ٣٠٨ من طريق قتادة عن ابن المسيب به. وورد من وجه آخر مختصرا عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجّسانه» . أخرجه البخاري ١٣٥٨ و ١٣٥٩ و ١٣٨٥ و ٤٧٧٥ ومسلم ٢٦٥٨ وأحمد ٢/ ٣٩٣، وابن حبان. وورد أيضا من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة باللفظ المذكور آنفا عند مسلم ٢٦٥٨ ح ٢٣ والترمذي ٢١٣٨ وأحمد ٢/ ٢٥٣ و ٤٨١ والطيالسي ٢٤٣٣ وأبو نعيم في «الحلية» ٩/ ٩٦ والبغوي في «شرح السنة» ٨٤.