وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة أيضا، وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقّي إلا عن أخبار أهل الكتاب، وأخذ ذلك مسلّما من غير حجة. وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا: إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ وقال تعالى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ أي: يولد له في حياتهما ولد يسمّى يعقوب، فيكون من ذريته عقب ونسل. ولا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير، لأن الله وعدهما بأنه سيعقب، ويكون له نسل، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرا. وإسماعيل وصف ها هنا بالحلم، لأنه مناسب لهذا المقام. وقوله: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أي: كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه. وقد كان إبراهيم عليه السلام يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد فارن وينظر في أمرهما وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعا إلى هناك. والله أعلم. والصحيح أنه إسماعيل، وهو المقطوع به اه.