للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَشْية الله، تَحاتَّتْ ذُنوبُه كما يتحاتُّ عن الشجرة اليابسة ورقُها» .

وفي معنى الآية ثلاثة أقوال «١» : أحدها: تَقْشَعِرُّ من وَعيده، وتَلين عندَ وعْده، قاله السدي.

والثاني: تَقْشَعِرُّ من الخَوْف، وتَلِينُ من الرَّجاء. والثالث: تَقْشَعِرُّ الجُلود لإِعظامه، وتَلِينُ عند تلاوته، ذكرهما الماوردي. وقال بعض أهل المعاني: مفعول الذّكر في قوله تعالى: إِلى ذِكْرِ اللَّهِ محذوف، لأنه معلوم والمعنى: تَطْمَئنُّ قلوبُهم إِلى ذِكْر اللهِ الجنةَ والثوابَ. قال قتادة: هذا نَعْتُ أولياء الله، تقشَعِرُّ جلودُهم وتَلِينُ قلوبُهم، ولم يَنْعَتْهم بذَهاب عُقولهم والغِشْيان عليهم، إنَّما هذا في أهل البِدَع، وهذا من الشَّيطان.

(١٢٢٧) وقد روى أبو حازم، قال: مَرَّ ابنُ عمر برجُل ساقط من أهل العراق، فقال: ما شأنُه؟

فقالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن يُصيبه هذا، قال: إِنّا لنَخشى اللهَ عزّ وجلّ، وما نَسْقُط.

(١٢٢٨) وقال عامر بن عبد الله بن الزبير: جئتُ أبي، فقال لي: أين كنتَ؟ فقلت: وجدتُ قوماً، ما رأيت خيراً منهم قَطٌّ، يذكُرون الله عزّ وجلّ فيُرعَد واحدهم حتى يُغْشَى عليه من خَشْية الله عزّ وجلّ، فقعدتُ معهم، فقال: لا تقعُد معهم بعدها أبداً، قال: فرآني كأني لم يأخذ ذلك فيّ، فقال:

رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتلو القرآن، ورأيتُ أبا بكر وعمر يتلوان القرآن فلا يُصيبُهم هذا من خَشْية الله


وأخرجه أبو يعلى ٦٧٠٣ ومن طريقه البيهقي في «الشعب» ٨٠٤ عن موسى بن محمد عن محمد بن عمر بن عبد الله الرومي قال: حدثني جابر بن يزيد بن رفاعة عن هارون بن أبي الجوزاء. هارون وبقية رجاله وثقوا، على ضعف في محمد بن عمر، وثقه ابن حبان. وأورده الحافظ في «المطالب العالية» ٣/ ٢١٨ و ٢١٩ ونسبه إلى أبي يعلى، ونقل الشيخ حبيب الرحمن عن البوصيري قوله: رواه أبو يعلى والبيهقي بسند ضعيف اه.
وكذا ضعفه العراقي في «تخريج الإحياء» ٤/ ١٦٣، وانظر «الضعيفة» ٢٣٤٢.
موقوف. أخرجه البغوي في «تفسيره» ١٨٢١، بإسناد ضعيف، فيه سعيد الجمحي لم يدرك ابن عمر.
انظر ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>