(٢) قال الطبري في «تفسيره» ١١/ ٢١٦: وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معنى (إن) الشرط الذي يقتضي الجزاء وذلك أن «إن» لا تعدو في هذا الموضع أحد معنيين: إما أن يكون الحرف الذي هو بمعنى الشرط الذي يطلب الجزاء، أو تكون بمعنى الجحد، وهب إذا وجهت إلى الجحد لم يكن للكلام كبير معنى لأنه يصير بمعنى: قل ما كان للرحمن ولد، مع أنه لو كان ذلك معناه لقدر الذين أمر الله نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لهم: ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين، أن يقولوا له: صدقت، وهو كما قلت ونحن لم نزعم أنه لم يزل له ولد، ولم يكن الله تعالى ذكره ليحتج لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وعلى مكذبيه من الحجة بما يقدرون على الطعن فيه، ذلك إذ كان في توجيهنا «إن» إلى معنى الجحد على ما ذكرنا، فالذي هو أشبه المعنيين بها الشرط، ومعنى الكلام: قل يا محمد لمشركي قومك الزاعمين أن الملائكة بنات الله: إن كان للرحمن ولد فأنا أول عابديه بذلك منكم، ولكنه لا ولد له، فأنا أعبده بأنه لا ولد له، ولا ينبغي أن يكون له، وهذا لم يكن على وجه الشك، ولكن على وجه الإلطاف في الكلام وحسن الخطاب. ووافقه ابن كثير وقال في «تفسيره» ٤/ ١٦٠: أي لو فرض هذا لعبدته على ذلك لأني عبد من عبيده، مطيع لجميع ما يأمرني به، ليس عندي إباء عن عبادته، فلو فرض كان هذا، ولكن هذا ممتنع في حقه تعالى، والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجواز أيضا، كما قال تعالى: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ.