إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ. وهذا إسناد صحيح وقد رواه ابن مردويه عن الطبراني عن كعب بن علقمة فذكره. وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا وأنه لا يباح ولا يحل وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك رحمه الله وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه فعل جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استحيوا إن الله لا يستحي من الحق لا يحل أن تأتوا النساء في حشوشهن» وفي رواية أحمد (أعجازهن) والنسائي وابن ماجة من طرق عن خزيمة بن ثابت. فائدة: قال الطحاوي في «مجمع الآثار» ٣/ ٤٦ فلما تواترت هذه الآثار عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بالنهي عن وطأ المرأة في الدبر ثم جاء عن أصحابه وتابعيهم ما يوافق ذلك وجب القول به، وترك ما يخالفه اه. وفائدة أخرى: الآن ظهر الأمر جليا وذلك بمرض الإيدز- أي فقد المناعة- فقد أجمع الأطباء على أن الإتيان في الدبر سواء للرجل أو المرأة هو أكثر العوامل التي تسبب مرض الإيدز وهذا مما يؤيد ما نصّ عليه شرعنا الحنيف، فهو حرام قطعا ويقينا لا مجال للخوض فيه ولا للمناقشة وقد تقدم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أحاديث بألفاظ مختلفة والمعنى واحد وهي تبلغ حد الشهرة، ومشى إلى ذلك الصحابة والتابعون والفقهاء وأهل العلم سوى من شذ والله أعلم. وانظر مزيد الكلام عليه في «تفسير ابن كثير» ١/ ٢٦٨- ٢٧٢ عند هذه الآية بتعليقي. وانظر «تفسير الشوكاني» ١/ ٢٦٢- ٢٦٣ بتعليقي، والله الموفق للصواب.