(١٢٥٦) فروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث مسروق، قال: كنا عند عبد الله، فدخل علينا رجل، فقال: جئتُكَ من المسجد وتركتُ رجلاً يقول في هذه الآية يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ: يغشاهم يومَ القيامة دخان يأخذ بأنفاسهم حتى يصيبَهم منه كهيئة الزكام فقال عبد الله: من عَلِم عِلْماً فلْيَقُل به، ومن لم يَعْلَم فلْيَقُل: الله أعلم، إنما كان هذا لأن قريشاً لمّا استعصت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا عليهم بسنين كسنيِّ يوسف، فأصابهم قحط وجهد، حتى أكلوا العظام والميتة، وجعل الرجلُ ينظُر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فقالوا: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فقال الله تعالى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ، فكشف عنهم، ثم عادوا إِلى الكفر، فأخذوا يومَ بدر، فذلك قوله: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى، وإِلى نحو هذا ذهب مجاهد وأبو العالية والضحاك وابن السائب ومقاتل.
والثالث: أنه يوم فتح مكة لمّا حُجبت السماءُ بالغبرة، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: هذا عَذابٌ أي: يقولون: هذا عذابٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ فيه قولان:
أحدهما: الجوع. والثاني: الدّخان إِنَّا مُؤْمِنُونَ بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن. أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى أي: من أين لهم التذكُّر والاتِّعاظ بعد نزول هذا البلاء، وحالهم أنه قد جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ أي: ظاهر الصِّدق؟! ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ أي: أعرضوا ولم يقبلوا قوله وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ أي: هو معلَّم يعلِّمه بشر، مجنون بادعائه النُّبوَّة قال الله تعالى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا أي: زماناً يسيراً «١» . وفي العذاب قولان: أحدهما:
الضُّرُّ الذي نزل بهم كُشف بالخِصب، هذا على قول ابن مسعود. قال مقاتل: كشفه إِلى يوم بدر.
والثاني: أنه الدخان، قاله قتادة. قوله تعالى: إِنَّكُمْ عائِدُونَ فيه قولان: أحدهما: إلى الشّرك، قاله ابن
صحيح الإسناد. أخرجه البخاري ٤٧٧٤ عن محمد بن كثير عن سفيان ثنا منصور والأعمش عن أبي الضحى عن مسروق به. وأخرجه ابن حبان ٦٥٨٥ والطبراني ٩٠٤٨ وأبو نعيم في «الدلائل» ٣٦٩ من طريق محمد بن كثير به. وأخرجه البخاري ٤٦٩٣ والحميدي ١١٦ من طريق سفيان به. وأخرجه البخاري ٤٨٢٤ والترمذي ٣٢٥٤ وأحمد ١/ ٤٤١ من طريق شعبه عن الأعمش ومنصور به. وأخرجه البخاري ١٠٠٧ و ٤٨٢١ و ٤٨٢٢ و ٤٨٢٣ ومسلم ٢٧٩٨ ح ٤٠ والطبري ٣١٠٤٣ والطبراني ٩٠٤٦ و ٩٠٤٧ وأحمد ١/ ٣٨٠ و ٤٣١ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٣٢٤ و ٣٢٥ و ٣٢٦ من طرق عن الأعمش به. وأخرجه مسلم ٢٧٩٨ والطبري ٣١٠٤٥ والبيهقي ٢/ ٣٢٦ من طرق عن جرير عن منصور به.