للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٣٢٨) والثالث: أن كعب بن مالك الأنصاري كان بينه وبين عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي كلام، فقال له: يا أعرابي، فقال له عبد الله: يا يهودي، فنزلت فيهما: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ، قاله مقاتل.

وأمّا التفسير، فقوله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ أي: لا يستهزئ غنيٌّ بفقير، ولا مستور عليه ذنْبُه بمن لم يُستَر عليه، ولا ذو حَسَب بلئيم الحَسَب، وأشباه ذلك ممّا يتنقَّصه به، عسى أن يكون عند الله خيراً منه. وقد بيَّنّا في البقرة «١» أن القوم اسم الرجال دون النساء، ولذلك قال: «ولا نساءٌ من نساء» و «تَلْمِزوا» بمعنى تَعيبوا، وقد سبق بيانه «٢» . والمراد بالأنفُس هاهنا: الإِخوان. والمعنى: لا تَعيبوا إِخوانكم من المسلمين لأنهم كأنفسكم. والتنابز: التفاعل من النَّبْز، وهو مصدر، والنَّبَز الاسم.

والألقاب جمع لقب، وهو اسم يُدعى به الإنسان سوى الاسم الذي سمِّي به. قال ابن قتيبة: «ولا تَنابزوا بالألقابَ» أي لا تتداعَوْا بها. والألقاب والأنباز واحد.

(١٣٢٩) ومنه الحديث: «نَبْزُهم الرافضة» أي: لقبُهم.

وللمفسرين في المراد بهذه الألقاب أربعة أقوال «٣» : أحدها: تعيير التائب بسيِّئات قد كان عملها، رواه عطية العوفي عن ابن عباس. والثاني: أنه تسميته بعد إسلامه بدينه قبل الإِسلام، كقوله لليهودي إِذا أسلم: يا يهودي، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء الخراساني، والقرظي. والثالث: أنه قول الرجل للرجل: يا كافر، يا منافق، قاله عكرمة. والرابع: أنه تسميته بالأعمال السيئة، كقوله: يا زاني يا سارق، يا فاسق، قاله ابن زيد. قال أهل العلم: والمراد بهذه الألقاب: ما يكرهه المنادَى به، أو يُعَدُّ ذمَاً له. فأمّا الألقاب التي تكسب حمداً وتكون صدقاً، فلا تُكره، كما قيل لأبي بكر: عتيق، ولعمر: فاروق، ولعثمان: ذو النورين، ولعليّ: أبو تراب: ولخالد:


أبي ذر. فالإسناد ضعيف. وذكر نزول الآية لم أره أصلا، وكذا قوله: «يا ابن اليهودية» . والذي صح في هذا الباب هو ما أخرجه البخاري ٦٠٥٠ ومسلم ١٦٦١ وأبو داود ١٥٧ والترمذي ١٩٤٥ من حديث أبي ذر « ...
كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه أعجمية فنلت منها، فذكرني إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال لي: أساببت فلانا؟
قلت: نعم، قال: أفنلت من أمه؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية» . وانظر «أحكام القرآن» ٢٠٠٠ بتخريجنا.
عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط الرواية، كذبة غير واحدة فهذا خبر ليس له أصل.
وأصح هذه الأقوال هو الحديث ١٣٢٦.
باطل. أخرجه البغوي في «معالم التنزيل» ١٩٨٨ من حديث علي، وإسناده ساقط، فيه فضيل بن مرزوق ضعيف، ومن فوقه مجاهيل. وله شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه ابن عدي ٥/ ١٥٣ وأعله بعمر بن المخرم، وقال: يروي عن ابن عيينة وغيره البواطيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>