للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا المَحيص فهو الَمعْدلِ وقد استوفينا شرحه في سور النساء «١» .

قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ يعني الذي ذكره من إهلاك القرى لَذِكْرى أي: تذكرة وعِظَة لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ قال ابن عباس: أي: عقل. قال الفراء: وهذا جائز في اللغة أن تقول: ما لَكَ قلب، وما معك قَلبُك، تريد العقل. وقال ابن قتيبة: لما كان القلب موضعاً للعقل كنى به عنه. وقال الزجاج:

المعنى: لمن صرف قلبه إلى التفهُّم أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ أي: استَمَع مِنِّي وَهُوَ شَهِيدٌ أي: وقَلْبُه فيما يسمع. وقال الفراء: «وهو شهيد» أي: شاهد ليس بغائب.

قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ.

(١٣٤٣) ذكر المفسرون أن اليهود قالت: خَلَقَ اللهُ السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، آخرها يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، فلذلك لا نعمل فيه شيئا، فنزلت هذه الآيات، فأكذبهم الله عزّ وجلّ بقوله: وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ. قال الزجاج: واللُّغوب: التَّعب والإعياء.

قوله تعالى: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ أي: من بَهتهم وكذبهم. قال المفسرون: ونسخ معنى قوله:

«فاصْبِر» بآية السيف وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي: صَلِّ بالثَّناء على ربِّك والتنزيه له ممَّا يقول المُبْطِلون قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وهي صلاة الفجر. وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فيها قولان:

أحدهما: صلاة الظهر والعصر، قاله ابن عباس. والثاني: صلاة العصر، قاله قتادة.

(١٣٤٤) وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث جرير بن عبد الله، قال: كُنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال: «إنَّكم سَترُونَ ربَّكم عِيانا كما ترون هذا القمر، لا تُضَامُّونَ في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغْلَبوا على صلاةٍ قَبْلَ طُلوع الشمس وقبل الغُروب فافعلوا» وقرأ: «فسبِّح بحمد ربِّك قبل طُلوع الشمس وقبل الغروب» .

قوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها صلاة الليل كلِّه، أيَّ وقت صلّى منه، قاله مجاهد. والثاني: صلاة العشاء، قاله ابن زيد. والثالث: صلاة المغرب والعشاء، قاله مقاتل.

قوله تعالى: وَأَدْبارَ السُّجُودِ قرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، وخلف: بكسر الهمزة وقرأ الباقون بفتحها. قال الزجاج: من فتح ألف «أدبار» فهو جمع دُبُر، ومن كسرها فهو مصدر: أدبر يُدْبِر إدباراً.

وللمفسرين في هذا التسبيح ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الرَّكعتان بعد صلاة المغرب، روي عن عمر، وعليّ، والحسن بن عليّ، رضي الله عنهم، وأبي هريرة، والحسن، ومجاهد، والشعبي، والنّخعيّ،


ضعيف جدا. أخرجه الواحدي في «أسباب النّزول» ٧٦٩ من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس: أن اليهود أتت النّبي صلّى الله عليه وسلم ... فذكره. وإسناده ضعيف جدا لضعف أبي سعد، بل هو متروك. وأخرجه الطبري ٣١٩٦٠ من طريق أبي سنان عن أبي بكر قال: جاءت اليهود النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا: ... فذكره. وهذا معضل، وهو أصح من الموصول، والمتن منكر جدا بذكر نزول الآية، فإن السّورة مكية وسؤالات اليهود كانت في المدينة، وقد ورد نحو هذا الخبر بدون ذكر هذه الآية، وهو أصح.
صحيح. أخرجه البخاريّ ٤٨٥١ ومسلم ٦٣٣ وأبو داود ٤٧٢٩ والتّرمذي ٢٥٥١ وابن ماجة ١٧٧ والنسائي في «التفسير» ٣٥٠ من حديث جرير، ولفظ «عيانا» ليس في «الصحيحين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>