للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلم سورة الرّحمن حتى ختمها ثم قال: «ما لي أراكم سكوتاً؟! لَلْجِنُّ كانوا أحسنَ منكم ردّاً، ما قرأتُ عليهم هذه الآية من مَرَّة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ إِلاّ قالوا: ولا بشيء من نِعمك ربَّنا نكذِّب فلك الحمد» .

قوله عزّ وجلّ: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ قرأ أبو رجاء، وابن أبي عبلة: «ربِّ المشْرِقَيْن وربِّ المَغْرِبَيْن» بالخفض، وهما مَشْرِق الصَّيف ومَشْرِق الشتاء ومَغْرِب الصَّيف ومَغْرِب الشتاء للشمس والقمر جميعاً.

قوله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ أي: أرسل العذبَ والمِلْحَ وخلاهما وجعلهما يَلْتَقِيانِ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ أي: حاجز من قدرة الله تعالى لا يَبْغِيانِ أي: لا يختلطان. فيبغي أحدهما على الآخر. وقال ابن عباس: بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كلَّ عام. وقال الحسين: «مَرَجَ البحرين» يعني بحر فارس والروم، بينهما برزخ، يعني الجزائر وقد سبق بيان هذا في الفرقان «١» . قوله عزّ وجلّ: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ قال الزجاج: إنما يخرُج من البحر المِلْحِ، وإنما جمعهما، لأنه إذا خرج من أحدهما فقد أُخرج منهما، ومثله وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً «٢» . وقال أبو علي الفارسي: أراد: يخرُج من أحدهما، فحذف المضاف. وقال ابن جرير: إنما قال «منهما» لأنه يخرج من أصداف البحر عن قطر السماء. فأمّا اللُّؤلؤ والمرجان، ففيهما قولان: أحدهما: أن المرجان: ما صَغُر من اللُّؤلؤ، واللُّؤلؤ:

العظام، قاله الأكثرون، منهم ابن عباس، وقتادة، والضحاك، والفراء. وقال الزجاج: اللُّؤلؤ: اسم جامع للحَبِّ الذي يخرج من البحر، والمرجان: صِغاره. والثاني: أن اللُّؤلؤ: الصِّغار، والمرجان:

الكبار، قاله مجاهد، والسدي، ومقاتل. قال ابن عباس: إذا أمطرت السماء، فتحت الأصدافُ أفواهها، فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ وقال ابن جريج. حيث وقعت قطرةٌ كانت لؤلؤة. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللُّغويّ قال: ذكر بعضُ أهل اللُّغة أن المَرجان أعجميّ معرَّب. قال أبو بكر،


٢٢٦٩ من طريق عمرو بن مالك البصري عن يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» ٤/ ٣٠١ والطبري ٣٢٩٢٨ من طريق محمد بن عباد بن موسى عن يحيى بن سليم الطائفي به. وقال الهيثمي في «المجمع» ٧/ ١١٨: رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: جزم الحافظ في «التقريب» بضعفه، وقال الذهبي في «الميزان» ٣/ ٢٨٥ ضعفه أبو يعلى، وقال ابن عدي: يسرق الحديث، وتركه أبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات اه والظاهر أن ابن حبان ما عرفه. وتابعه محمد بن عباد بن موسى عند الطبري والخطيب كما تقدم، ومحمد هذا ضعيف، والظاهر أنه سرقه من عمرو بن مالك. وقال ابن عدي ٣/ ٢١٩: هذا حديث لا يعرف إلا بهشام بن عمار، وقد سرقه جماعة من الضعفاء ذكر منهم في كتابي هذا، فحدثوا به عن الوليد وهم سليمان بن أحمد الواسطي وعلي بن جميل السرّقي وعمرو بن مالك البصري وبركة بن محمد الحلبي، والحديث، فهشام. أي عن الوليد عن زهير بن محمد وبه يعرف.
تنبيه: ولم يتنبه الألباني إلى هذا الوارد عن ابن عدي، فجعل حديث ابن عمر شاهدا لحديث جابر فحكم بحسنه في «الصحيحة» ٢١٥٠ والصواب أنه غير شاهد وإنما سرقه عمرو بن مالك وغيره وركبوا له هذا الإسناد عن ابن عمر ولو كان كذلك لرواه الأئمة الثقات، ولكن كل ذلك لم يكن، والمتن منكر فمتى كان الجن أحسن فهما من الصحابة؟!! كما هو مدلول هذا الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>